للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلهَا أبدا فان لم يردهُ أبدا مَعَ اقْتِضَاء الظَّاهِر لَهُ كَانَ ملبسا لِأَنَّهُ لم يدل فِي الْحَال على خلاف الظَّاهِر وَلَو جَازَ تَأْخِير بَيَان ذَلِك جَازَ تَأْخِير بَيَان الْمُجْمل والعموم وَلما كَانَ فِي الْإِمْكَان تعريفنا تأبيد شَرِيعَة من الشَّرَائِع وَأَن كَانَ قد أَرَادَ فعلهَا أبدا اقْتضى ذَلِك وجوب فعلهَا أبدا وَوُجُوب الْعَزْم على أَدَائِهَا أبدا وَوُجُوب اعْتِقَاد وُجُوبهَا أبدا وَاسْتِحْقَاق الثَّوَاب على فعلهَا أبدا فَلَو نهى الله سُبْحَانَهُ عَنْهَا فِي الْمُسْتَقْبل لدل نَهْيه على أَنه قد خَفِي عَلَيْهِ مَا كَانَ ظَاهرا من وُجُوبهَا أَو ظهر لَهُ مَا كَانَ خافيا من قبحها أَو لِأَنَّهُ قصد النَّهْي عَمَّا يُعلمهُ حسنا وَالْأَمر بِمَا يُعلمهُ قبيحا وكل هَذِه الْأَقْسَام فَاسِدَة وَالْجَوَاب أَن الْأَمر الْمُطلق لَا يُفِيد التّكْرَار وَإِنَّمَا الْمُقَيد بالتأبيد إِذا أَفَادَ التَّأْبِيد بِشَرْط الْإِمْكَان لَا يجوز نسخه إِلَّا أَن يكون الْمُكَلف قد أشعر بالنسخ عِنْد أمره وَقيام الدّلَالَة على نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْتَضِي أَن يكون قد اقْترن بِالْأَمر بالسبت الْإِشْعَار بالنسخ نَحْو أَن يُخْبِرهُمْ لمجيء نَبِي إِلَى غير ذَلِك من وُجُوه الْإِشْعَار فاذا أشعر بالنسخ لم يكن قد أوهمنا الْبَاطِل لأَنا مَعَ الْإِشْعَار لَا نقدم على اعْتِقَاد التَّأْبِيد وَلَا تمْتَنع الْقُدْرَة على تعريفنا بتأبيد الشَّرِيعَة لِأَن طَرِيق إعلامنا ذَلِك أَن يخلى أمره المؤبد من بَيَان النّسخ مفصلا وَمن الْإِشْعَار بِهِ وَقَوْلنَا فِي بَيَان الْمُجْمل الَّذِي لَا يعرف المُرَاد بِهِ أصلا وَفِي بَيَان التَّخْصِيص كَقَوْلِنَا فِي بَيَان النّسخ وَقد تقدم شرح هَذِه الْجُمْلَة عِنْد الْكَلَام فِي تَأْخِير الْبَيَان فاذا أَرَادَ بِالْأَمر المؤبد بعض مَا تنَاوله ونهانا عَمَّا لم يردهُ لم يكن قد أَمر بقبيح وَلَا نهى عَن حسن وَلَا ظهر لَهُ مَا كَانَ خافيا وَلَا خَفِي عَنهُ مَا كَانَ ظَاهرا بل كَانَ عَالما فِيمَا لم يزل بِوُجُوب مَا أَمر بِهِ فِي وقته وقبح مثله فِي وَقت آخر وَلَا يلْزم اسْتِحْقَاق الْعقَاب على مَا اسْتحق بِهِ الثَّوَاب وَإِنَّمَا يلْزم اسْتِحْقَاق الْعقَاب على مثل مَا اسْتحق بِهِ الثَّوَاب

وَأجَاب قَاضِي الْقُضَاة عَن قَوْلهم إِن الْأَمر بِالْفِعْلِ أبدا يَقْتَضِي الدَّوَام فَقَالَ إِنَّه لَا يُفِيد الدَّوَام لعلمنا أَن التَّكْلِيف يَنْقَطِع وَلذَلِك لَا يفهم من قَول الْقَائِل لغيره لَازم فلَانا أبدا أَو احبسه أبدا الدَّوَام وَلقَائِل أَن يَقُول

<<  <  ج: ص:  >  >>