الْآيَة فَتبين بالآيتين أَن الكتمان حرَام وَأَن ضِدّه وَهُوَ الْإِظْهَار لَازم فَيتَنَاوَل ذَلِك كل من بلغه علم فَإِن يتَصَوَّر مِنْهُ الكتمان فِيمَا بلغه فيفترض عَلَيْهِ الاظهار وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن كتم علما عِنْده ألْجم يَوْم الْقِيَامَة بلجام من نَار وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَأَيْتُمْ آخر هَذِه الْأمة يلعن أَولهَا فَمن كَانَ مِمَّن عِنْده علم فليظهره فَإِن كاتم الْعلم يَوْمئِذٍ ككاتم مَا أنزل الله على مُحَمَّد وَلِأَن تعلم الْعلم بِمَنْزِلَة أَدَاء الزَّكَاة وعَلى كل أحد أَدَاء الزَّكَاة من نصابه صَاحب النّصاب وَصَاحب النصب فِي ذَلِك سَوَاء
وَجه القَوْل الآخر أَن الْعلمَاء فِي كل زمَان خلفاء الرُّسُل عَلَيْهِم السَّلَام كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء وَمَعْلُوم أَن فِي زمن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ هُوَ الْمُبين للنَّاس مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من أَمر دينهم فَإِن الله تَعَالَى وَصفه بذلك وَقَالَ {لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} وَلَا يجب على أحد سواهُ بَيَان شَيْء من ذَلِك فِي حَضرته فَكَذَا فِي كل حِين ومكانه إِنَّمَا يفترض الْأَدَاء على الْمَشْهُورين بِالْعلمِ دون غَيرهم وَلِأَن النَّاس فِي الْعَادة إِنَّمَا يعتمدون قَول من اشْتهر بِالْعلمِ وَقل مَا يعتمدون غَيرهم وَرُبمَا يستخف بَعضهم بِمَا يسمعهُ مِمَّن لم يشْتَهر بِالْعلمِ فَلهَذَا كَانَ الْبَيَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute