للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأما الِامْتِنَاع عَن جمع المَال فطريق مُبَاح أَيْضا لحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من ذهب لتمنى إِلَيْهِمَا ثَالِثا لَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ وَقيل هَذَا كَانَ مِمَّا يُتْلَى فِي الْقُرْآن فِي سُورَة يُونُس فِي الرُّكُوع الثَّانِي أَو الثَّالِث ثمَّ انتسخ تِلَاوَته وَبقيت رِوَايَته وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبًّا لِلْمَالِ وَفِي رِوَايَة تَبًّا لصَاحب الذَّهَب وَالْفِضَّة وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هلك المكثرون إِلَّا من قَالَ بِمَالِه هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي يتَصَدَّق من كل جَانب وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الشَّيْطَان لن ينجو مني صَاحب المَال من احدى ثَلَاث إِمَّا أَن أزينه فِي عينه فيجمعه من غير حلّه وَإِمَّا أَن أحقره فِي عينه فيعطي من غير حلّه وَأما أَن أحببه إِلَيْهِ فَيمْنَع حق الله تَعَالَى مِنْهُ فَفِي هَذَا بَيَان أَن الِامْتِنَاع عَن الْجمع أسلم وَلَا عيب على من اخْتَار طَرِيق السَّلامَة

ثمَّ بَين مُحَمَّد رَحمَه الله أَن الْكسْب فِيهِ معنى المعاونة على الْقرب والطاعات أَي كسب كَانَ حَتَّى أَن فتال الحبال ومتخذ الكيزان والجرار وَكسب الحوكة فِيهِ معاونة على الطَّاعَات والقرب فَإِنَّهُ لايتمكن من أَدَاء الصَّلَاة إِلَّا بِالطَّهَارَةِ وَيحْتَاج لَهُ إِلَى كوز ورشاء ينْزح بِهِ المَاء وَيحْتَاج إِلَى ستر الْعَوْرَة لأَدَاء الصَّلَاة وَإِنَّمَا يتَمَكَّن من ذَلِك بِعَمَل الحوكة فَعرفنَا أَن ذَلِك كُله من أَسبَاب التعاون على إِقَامَة الطَّاعَة وَإِلَيْهِ أَشَارَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله لَا تسبوا الدُّنْيَا

<<  <   >  >>