كان الزمان أقصر من مدة الوجود لم يجز في شيء من الحوادث، كما لا يجوز:" شب زيد غدوة "، ولا:" شاخ ضحوة "، لأن الوقت أقل من المؤقت، كذلك لا تقول على هذا: نحن يوم السبت " ولا: الحجاج يوم الخميس ".
فإن قلت: فقد قالوا: " زيد حين بقل وجهه "؟
قلنا: إنما جاز ذلك لقرينة أخرجته عن معنى الظرف من الزمان إلى معنى
الوصف بمقدار السنين، وهي إضافة الوجه إليه حين قلت:" بقل وجهه " و " طر شاربه ".
ولو قلت:" يوم بقل وجهه -، لم يجز، لما في " حين " من لفظ " حان
يحين الذي يصح أن يكون خبراً عن زيد.
* * *
[فصل]
ومما ألحق بهذا الفصل قوله سبحانه:(سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ) و (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) .
زعم بعض النحويين أن " سواء " خبر، وأن المبتدأ محذوف، وأن التقدير:
سواء عليهم الإنذار وتركه، ثم فسرته الجملة المصدرة بألف الاستفهام. وصاحب هذا القول يلزمه أن يجيز:" سواء أقمت أم قعدت "، دون أن يقول:" عليَّ " أو " عليك ".
ويلزمه أن يجيز:" سيان أذهب زيد، أم جلس "
و" متفقان أقام زيد أم قعد ".
وما كان نحو هذا مما لا يجوز فىِ الكلام ولا روي عن أحد.
وقالت طائفة: سواء ههنا مبتدأ والجملة الاستفهامية في موضع الخبر.
وإنما قالوا هذا - وإن كان " سواء " نكرة - لأن الجمل لا تكون في موضع المبتدأ أبداً ولا في موضع الفاعل.