للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه عاطفٌ بعطفه على ما قبله؟ فهذا لا يجوز إلا أن تجعله مبتدأ وتأتي له بخبر، فتقول: مما قام زيد لا عمرو وهو القائم، وأما أن أردت تشريكهما في النفي فلا بد من الواو، إما وحدها وإما مع " لا "، ولا تكون " الواو " عاطفة ومعها " لا " إلا بعد نفي.

وأما قوله سبحانه وتعالى: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) .

فإن معنى النفي موجود في " غير ".

فإن قيل: فهلا قلت: " لا المغضوب عليهم ولا الضالين؟.

فالجواب: أن في ذكر (غَيْرِ) بيان الفضيلة للذين أنعم الله عليهم، وتخصيصاً

لنفي صفة الغضب والضلال عنهم، وأنهم الذين أنعم الله عليهم بالنبوة والهدى دون غيرهم.

ولو قال: " ولا المغضوب عليهم " لم يكن ذلك إلا تأكيد نفي إضافة

الصراط إلى المغضوب عليهم، كما تقول: هذا غلام زيد لا عمرو، أكدت نفي الإضافة عن عمرو، بخلاف قولك: هذا غلام الفقيه غير الفاسق ولا الخبيث، فإنك جمعت بين إضافة الغلام إلى الفقيه دون غيره، وبين نفي الصفة المذمومة عن الفقيه، فافهمه.

فإن قيل: وأي شيء أكدت " لا " حين أدخلت عليها الواو، وقد قلت: إنها لا تؤكد النفي المتقدم، وإنما تؤكد نفياً يدل عليه اختصاص الفعل الواجب بوصف ما، كقولك: جاءني عالم لا جاهل؟

فالجواب: أنك حين قلت: ما جاءني زيد، لم يدل الكلام على نفي المجيء

عن " عمرو " كما تقدم، فلما عطف بالواو دل الكلام على انتفاء الفعل عن

عمرو، كما انتفى عن الأول، لمقام الواو مقام تكرار حرف النفي، فدخلت لا لتأكيد النفي عن الثاني.

<<  <   >  >>