للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

بَعضهم فَإِن الْقَرْض الْمُطلق يتَصَرَّف فِيهِ بِمَا أَرَادَ وَهَذِه الْقُوَّة مَشْرُوطَة على من يقبضهَا أَن يبذلها فِي الأَرْض لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّف فِيهَا بِغَيْر ذَلِك فقد جعلت قُوَّة فِي الأَرْض ينْتَفع بهَا كل من يسْتَعْمل الأَرْض من مقطع أَو عَامل إِذْ مصلحَة الأَرْض لَا تقوم إِلَّا بذلك وَلِهَذَا يُقَال من دخل على قُوَّة خرج على نظيرها

وَحَقِيقَة الْأَمر أَن السُّلْطَان اشْترط على من يقطعهم أَن ينزلُوا على الأَرْض قُوَّة وَإِذا كَانَ الأول قد أنزل فِيهَا قُوَّة وَالثَّانِي مُحْتَاج إِلَيْهَا فَهِيَ لَهُ

وَلَيْسَ لأحد من وُلَاة الْأَمر أَن يَجْعَل عطاءها للْأولِ فان قسطه بِحَسب الْمصلحَة جَازَ ذَلِك وَإِذا جرت الْعَادة بِأَن من دخل على قُوَّة خرج على نظيرها وَمن أعْطى قُوَّة من عِنْده واستوفاها مُؤَجّلَة كَانَ إقطاع ولي الْأَمر لَهُ بِهَذَا الشَّرْط وَذَلِكَ جَائِز فَإِن الزَّرْع إِنَّمَا ملكه بالإقطاع وإقطاع ولي الْأَمر بِمَنْزِلَة بَيت مَال الْمُسلمين

وَلَيْسَت قسْمَة الْأَمْوَال السُّلْطَانِيَّة بِمَنْزِلَة قسْمَة المَال بَين الشُّرَكَاء المعينين لِأَن قسْمَة المَال بَين الشُّرَكَاء مثل قسْمَة الْمِيرَاث يقسم بَين كل صنف فَرْضه مِنْهُ فان قبل الْقِسْمَة وَإِلَّا بيع وَقسم ثمنه بَين الْوَرَثَة عِنْد أَكثر الْفُقَهَاء كمالك وَأحمد وَأبي حنيفَة وَلَيْسَ لأحد الشَّرِيكَيْنِ أَن يخْتَص بصنف

وَأما أَمْوَال الْفَيْء فللإمام أَن يخص مِنْهَا طَائِفَة بِنصْف وَطَائِفَة بِنصْف آخر وَكَذَلِكَ فِي الْمَغَانِم على الصَّحِيح كَمَا يجوز تَفْضِيل بعض الغائمين بِمَنْفَعَة على الصَّحِيح فَمَال الْفَيْء يسْتَحق بِحَسب الْحَاجة وَمَال الْغَنَائِم يقسم على الْمُقَاتلَة فَيجب أَن يقسم بِالْعَدْلِ كَمَا يجب الْعدْل على كل حَاكم وكل قَاسم لَكِن إِذا قدر أَن الْحَاكِم أَو الْقَاسِم لَيْسَ عدلا لم تبطل جَمِيع أَحْكَامه وقسمه على الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ السّلف

فَإِنَّهُ قد ثَبت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بِطَاعَة وُلَاة الْأُمُور مَعَ جَوْرهمْ فَإِذا أَمر بِالْمَعْرُوفِ وَجَبت طَاعَته وَإِن كَانَ ظَالِما وَإِن حكم حكما عدلا وَقسم قسما عدلا كَانَ من الْعدْل الَّذِي يجب طَاعَته والظالم لَو قسم مِيرَاثا بَين

<<  <   >  >>