للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما أن الكذب يناقض موجب الرسالة، ومن المعلوم من دين المسلمين أنه معصوم من الكتمان لشيء من الرسالة" (١).

سادسًا: أفادت القاعدة إبطال قول الرافضة الباطنية الذين يدعون بأن للنصوص ظاهرًا وباطنًا، وزاد بعضهم على ذلك فزعم أن لكل آية سبعة أبطن (٢)، وأنهم هم الذين يعرفون هذه المعاني الباطنة دون غيرهم.

وهذا من الإفك البيّن على اللَّه وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فليس للشرع باطن لم يبلغه النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لأمته، ولم يخص بعض أصحابه بشيء من الدين لم يخبر به عامتهم، بل تبليغه -صلى الله عليه وسلم- كان عامًا للأسود والأحمر، والحر والعبد، والصغير والكبير، والذكر والأنثى، لم يفرق -صلى الله عليه وسلم- بينهم في تبليغ الرسالة، وبيان الدين.

قال الإمام ابن حزم: "واعلموا أن دين اللَّه ظاهر لا باطن فيه، وجهر لا سر تحته، ... وكل من ادعى للديانة سرًا وباطنًا فهي دعاوى ومخارق، واعلموا أن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- لم يكتم من الشريعة كلمة فما فوقها، ولا أطلع أخص الناس به من زوجة، أو ابنة عم، أو ابن عم، أو صاحب على شيء من الشريعة كتمه عن الأحمر والأسود، ورعاة الغنم، ولا كان عنده عليه السلام السر، ولا رمز، ولا باطن غير ما دعا الناس كلهم إليه، ولو كتم شيئًا لما بلَّغ كما أمر" (٣).

وقال القرطبي: "فدلت الآية على رد قول من قال: إن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- كتم شيئًا من أمر الدين تقية وعلى بطلانه، وهم الرافضة ودلت على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يسر إلى أحد شيئًا من أمر الدين؛ لأن المعنى بلغ جميع ما


(١) مجموع الفتاوى (٥/ ١٥٥).
(٢) انظر: أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية، للقفاري (١/ ١٥٢).
(٣) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٢/ ٩١ - ٩٢)، وانظر: معارج القبول (٣/ ١١٠٨).