أَحدهمَا: أَن الْجمع الْكثير قد يسْتَعْمل مَكَان الْجمع الْقَلِيل، كَمَا يسْتَعْمل الْقَلِيل فِي بعض الْمَوَاضِع مَكَان الْكثير. فقد حكى الْخَلِيل وَغَيره أَنهم رُبمَا قَالُوا: ثَلَاثَة كلاب وَالْقِيَاس أكلب،، وكما قَالُوا فِي جمع يَوْم: أَيَّام. فأوقعوها للكثير والقليل. وَلَا جمع ليَوْم غَيرهَا. وكما قَالَ تَعَالَى: {وهم فِي الغرفات آمنون} . فأوقع الغرفات للكثير لِأَن غرفات الْجنَّة لَا نِهَايَة لَهَا. وَلَا خلاف بَينهم فِي أَن الْجمع السَّالِم حكمه أَن يكون للقليل وعَلى هَذَا حملُوا قَول حسان: [بن ثَابت] :
(لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من بحره دَمًا)
فأوقع الجفنات والأسياف للعدد الْكثير، لِأَن هَذَا مَوضِع افتخار لَا يَلِيق بِهِ الْجمع الْقَلِيل، فَهَذَا أحد الجوابين.
وَالْجَوَاب الثَّانِي: إِن أَوْقَات الصَّلَاة وَإِن كَانَت خَمْسَة، فَإِنَّهَا تَتَكَرَّر فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وتتوالى، فَصَارَت كَأَنَّهَا كَثِيرَة وَإِن كَانَت خَمْسَة. وَهَذَا كَقَوْلِهِم: شموس وأقمار، وَلَيْسَ فِي الْوُجُود إِلَّا شمس وَاحِدَة، وقمر وَاحِد. فجمعوهما لأجل ترددهما مرّة بعد مرّة.
وَيجوز أَن يُقَال: إِن هَذِه الصَّلَوَات الْخمس تعدل خمسين صَلَاة، لِأَنَّهَا فرضت فِي أول أمرهَا خمسين، ثمَّ ردَّتْ إِلَى خمس تَخْفِيفًا على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute