للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا تنافي التوكل وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يرقي نفسه بالمعوذات، وثبت أنه كان يقرأ على أصحابه إذا مرضوا" (١).

ومن مجموع ما سبق نعلم أن الكراهة خاصة بالاسترقاء والاكتواء من بين سائر الأدوية؛ لحديث السبعين ألفًا (٢) وحديث العقار بن المغيرة بن شعبة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل" (٣). فالاسترقاء يقدح في تمام التوكل.

قال الحافظ: "إن المراد بترك الرقى والكي الاعتماد على الله في دفع الداء والرضا بقدره، لا القدح في جواز ذلك لثبوت وقوعه في الأحاديث الصحيحة عن السلف الصالح، لكن مقام الرضا والتسليم أعلى من تعاطي الأسباب، وإلى هذا نحا الخطابي ومن تبعه" (٤).

وقال الخطابي: "المراد من ذلك ترك الاسترقاء على جهة التوكل على الله والرضا بقضائه وبلائه، وهذه أرفع درجات المحققين للإيمان" (٥).

وقال النووي: "والظاهر من معنى الحديث أن هؤلاء كمل تفويضهم إلى الله عز وجل، فلم يتسببوا في دفع ما أوقعه بهم، ولا شك في فضيلة هذه الحالة ورجحان صاحبها" (٦).

وقد جاءت أحاديث فيها الأمر بالاسترقاء كما في حديث عائشة قالت: "أمرني


(١) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١/ ١٠٦.
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٠٥).
(٣) المسند ٤/ ٢٤٩ وابن ماجه (٣٤٨٩).
(٤) الفتح ١٠/ ٢٢٢.
(٥) شرح النووي على صحيح مسلم ٣/ ٩٠.
(٦) شرح النووي على صحيح مسلم (٣/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>