للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسأل أحدهم المقبور الميت كما يسأل الحي الذي لا يموت، يقول: يا سيدي فلان اغفر لي وارحمني وتب عليّ، أو يقول: اقضي عني الدين، اشف مريضي، وانصرني على فلان، ونحو ذلك (١).

ولا شك أن هذه الأعمال ونحوها شرك أكبر، مخرج من الملة موجب للخلود في النار لمن مات عليه.

وفي تيسير العزيز الحميد يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في "شرح المنازل": "من أنواعه أي: الشرك، طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم وهذا أصل شرك العالم".

وقال الإمام أبو الوفاء علي بن عقيل الحنبلي صاحب كتاب "الفنون": "لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، وهم عندي كفار لهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا وكذا، أو إلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزّى. نقله غير واحد مقررين له، راضين به منهم الإمام أبو الفرج بن الجوزي، والإمام ابن مفلح صاحب كتاب "الفروع" وغيرهما" (٢).

وهذا كله من حيل الشيطان وكيده الذي يتدرج بالجهال وضعفاء العقول للوصول بهم إلى هذه الغاية، يقول الإمام ابن القيم رَحِمَه الله: "والمقصود: أن الشيطان بلطف كيده يحسن الدعاء عند القبر، وأنه أرجح منه في بيته ومسجده، وأوقات الأسحار، فإذا تقرر ذلك عنده نقله درجة أخرى: من الدعاء عنده إلى الدعاء به، والإقسام على الله به، وهذا أعظم من الذي قبله، فإن شأن الله أعظم من أن يقسم


(١) اقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٨٤٢ بتصرف وانظر كتاب التبرك ص ٣٩٤.
(٢) مستفاد من تيسير العزيز الحميد ص ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>