وهذا جائز مثل: لو حضرت الدرس لاستفدت، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم" فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لو علم أن هذا الأمر سيكون من الصحابة ما ساق الهدي ولأحل، وهذا هو الظاهر لي.
وبعضهم قال: إنه من باب التمني، كأنه قال: ليتني استقبلت من أمري ما استدبرت حتى لا أسوق الهدي.
لكن الظاهر: أنه خبر لما رأى من أصحابه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يتمنى شيئًا قدر الله خلافه" (١).
قال في التيسير:"وقال القاضي: "قال بعض العلماء: هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدا ذلك حتما، وأنه لو فعل ذلك لم يصبه قطعا. فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله تعالى، وأنه لن يصيبه إلا ما شاء الله، فليس من هذا، واستدل بقول أبي بكر الصديق في الغار: لو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا. قال القاضي: وهذا ما لا حجة فيه، لأنه أخبر عن مستقبل، وليس فيه دعوى لرد القدر بعد وقوعه. قال: وكذا جميع ما ذكره البخاري فيما يجوز من "اللو" كحديث "لولا حدثان قومك بالكفر، لأتممت البيت على قواعد إبراهيم" و"لو كنت راجما بغير بينة لرجمت هذه"، "ولولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك"، وشبه ذلك، وكله مستقبل لا اعتراض فيه على قدر ولا كراهة فيه، لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يفعل لولا المانع وعما هو في قدرته، فأما ما ذهب فليس في قدرته. فإن قيل: ما تصنعون بقوله - صلى الله عليه وسلم - "لو
(١) مجموع الفتاوى لابن عثيمين ١٠/ ٩٤٩، ٩٥٠. وانظر: القول المفيد لابن عثيمين ط ١ - ٣/ ١٢٢، ١٢٤.