للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالْمَقْصُودِ فَكيف تسوغ الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فِيهِ مُطلقًا مَعَ أَن كثيرا من الْعلمَاء قد شَدَّدُوا فِي أَمر الْعلم يُرِيدُونَ بذلك مَا يتَعَلَّق بالاعتقاد مَا لم يشددوا فِي غَيره فَقَالُوا لَا يقبل فِيهِ إِلَّا الدَّلِيل الْقطعِي وَذَلِكَ إِمَّا آيَة صَرِيحَة فِيهِ أَو حَدِيث متواتر كَذَلِك أَو دَلِيل عَقْلِي لَيْسَ فِيهِ شُبْهَة

وَقد تعرض الْأُسْتَاذ الْأَجَل أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن فَارس لأمر الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فِي رسَالَته الَّتِي سَمَّاهَا مَأْخَذ الْعلم فَقَالَ فِي بَاب القَوْل فِي اللّحن ذهب أنَاس إِلَى أَن الْمُحدث إِذا روى فلحن لم يجز للسامع أَن يحدث عَنهُ إِلَّا لحنا كَمَا سَمعه وَقَالَ آخَرُونَ بل على السَّامع أَن يرويهِ إِذا كَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ معربا صَحِيحا مُقَومًا بِدَلِيل نقُوله وَهُوَ أَنه مَعْلُوم أَن رَسُول الله ص = كَانَ أفْصح الْعَرَب وأعربها وَقد نزهه الله عز وَجل عَن اللّحن وَإِذا كَانَ كَذَا فَالْوَجْه أَن يرْوى كَلَامه مهذبا من كل لحن وَكَانَ شَيخنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْقطَّان يكْتب الحَدِيث على مَا سَمعه لحنا وَيكْتب على حَاشِيَة كِتَابه كَذَا قَالَ يَعْنِي الَّذِي حَدثهُ وَالصَّوَاب كَذَا وَهَذَا أحسن مَا سَمِعت فِي هَذَا الْبَاب

فَإِن قيل قَائِل فَمَا تَقول فِي الَّذِي حدثكموه عَليّ بن إِبْرَاهِيم عَن مُحَمَّد بن يزِيد حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير حَدثنَا أبي عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عبد السَّلَام عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ قَامَ رَسُول الله ص = بالخيف من منى فَقَالَ نضر الله امْرأ سمع مَقَالَتي فبلغها كَمَا سمع فَرب حَامِل فقه غير فَقِيه وَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ

وَقد أَمر رَسُول الله ص = أَن يبلغ الْمبلغ كَمَا سمع

قيل لَهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَن يبلغهُ فِي صِحَة الْمَعْنى واستقامة المُرَاد بِهِ من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان يغيران الْمَعْنى فَأَما أَن يسمع اللّحن فيؤديه فَلَا

وَبعد فمعلوم أَن النَّبِي ص = كَانَ لَا يلحن فَيَنْبَغِي أَن تُؤَدّى مقَالَته عَنهُ فِي صِحَة كَمَا سمع مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>