عَنهُ أَنه قَالَ أُوتيت خمْسا لم يُؤْتَهُنَّ أحدا قبلي وَذَلِكَ مِنْهَا وَأُوتِيت جَوَامِع الْكَلم
وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَلَا شكّ أَن فِي النَّقْل إِلَى لفظ آخر احْتِمَال الاختلال فِي الْمَعْنى فَيجب الِاقْتِصَار على اللَّفْظ الْمَنْصُوص عَلَيْهِ وَلِهَذَا الطَّرِيق لَا يجوز نقل الْقُرْآن بِالْمَعْنَى فَكَذَا هَذَا
وَوجه قَول الْعَامَّة مَا رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود وَغَيره أَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ هَكَذَا أَو نَحوا مِنْهُ أَو قَرِيبا مِنْهُ
وَهَذَا نقل بِالْمَعْنَى وَقد اشْتهر عَن الصَّحَابَة أَنهم قَالُوا أمرنَا رَسُول الله ص = بِكَذَا ونهانا عَن كَذَا
وَهَذَا نقل من حَيْثُ الْمَعْنى وَإِجْمَاع الصَّحَابَة حجَّة
وَالْمعْنَى فِي الْمَسْأَلَة هُوَ أَن الِامْتِنَاع إِمَّا أَن يكون لأجل اللَّفْظ أَو لأجل الْمَعْنى وَالْأول فَاسد فَإِن سنة النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وضعت لبَيَان الْأَحْكَام وَهُوَ الْغَرَض وَهَذَا لَا يخْتَص بِلَفْظ دون لفظ وَلِأَنَّهُ لم يتَعَلَّق شَيْء من الْغَرَض بِلَفْظ الحَدِيث لِأَنَّهُ لَيْسَ بمعجز وَلَا يتَعَلَّق الثَّوَاب وَجَوَاز الصَّلَاة بِهِ بِخِلَاف الْقُرْآن فَإِنَّهُ معجز وَقد تعلق بتلاوته الثَّوَاب وَجَوَاز الصَّلَاة
فلئن كَانَ لَا يجوز نقل الْقُرْآن من لفظ إِلَى لفظ فَلم ذَا لَا يجوز فِي الحَدِيث مَعَ أَن ثمَّ جَاءَ النَّقْل بطرِيق الرُّخْصَة أَيْضا كَمَا رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه سمع رجلا يَقُول طَعَام الْيَتِيم
وَلم يُمكنهُ أَن يَقُول طَعَام الأثيم
فَقَالَ لَهُ قل طَعَام الْفَاجِر فَلِأَن يجوز فِي الحَدِيث أولى
وَإِن كَانَ لأجل الْمَعْنى فَالْمَعْنى لَا يخْتَلف وَلَا يخْتل بِالنَّقْلِ إِلَى لفظ مثله فِي الْمَعْنى نَحْو قَوْلهم قعد مَكَان جلس وَلِهَذَا كَانَ نقل كلمة الشَّهَادَة من اللَّفْظ الْمَرْوِيّ بِالْعَرَبِيَّةِ إِلَى كل لِسَان جَائِز لما كَانَ الْغَرَض هُوَ الْمَعْنى دون اللَّفْظ فَكَذَا هَذَا بِخِلَاف الْأَذَان وَالتَّشَهُّد حَيْثُ لَا يجوز النَّقْل عَن ألفاظهما إِلَى غَيرهمَا لِأَن الشَّرْع جَاءَ بِتِلَاوَة ألفاظهما وعلق بهما الثَّوَاب الْخَاص على أَن الْأَذَان شرع للإعلام وَإنَّهُ لَا يحصل إِلَّا بالألفاظ الْمَعْرُوفَة وَلِهَذَا لم يجوزوا النَّقْل من اللَّفْظ الْمُشْتَرك والمجمل إِلَى لفظ آخر لما فِيهِ من احْتِمَال الْإِخْلَال بِالْمَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute