وَأما مَرَاسِيل الصَّحَابَة فَحكمهَا حكم الْمَوْصُول على الْمَشْهُور الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور قَالَ ابْن الصّلاح ثمَّ إِنَّا لم نعد فِي أَنْوَاع الْمُرْسل وَنَحْوه مَا يُسمى فِي أصُول الْفِقْه مُرْسل الصَّحَابِيّ مثل مَا يرويهِ ابْن عَبَّاس وَغَيره من أَحْدَاث الصَّحَابَة عَن النَّبِي ص = وَلم يسمعوه مِنْهُ لِأَن ذَلِك فِي حكم الْمَوْصُول الْمسند لِأَن روايتهم عَن الصَّحَابَة والجهالة بالصحابي غير قادحة لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول
قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ وَفِي قَوْله لِأَن روايتهم عَن الصَّحَابَة
نظر وَالصَّوَاب أَن يُقَال لِأَن غَالب روايتهم إِذْ قد سمع جمَاعَة من الصَّحَابَة من بعض التَّابِعين
وَسَيَأْتِي فِي كَلَام ابْن الصّلاح فِي رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر أَن ابْن عَبَّاس وَبَقِيَّة العبادلة رووا عَن كَعْب الْأَحْبَار وَهُوَ من التَّابِعين وروى كَعْب أَيْضا عَن التَّابِعين
وَلم يذكر ابْن الصّلاح خلافًا فِي مُرْسل الصَّحَابِيّ
وَفِي بعض كتب الْأُصُول أَنه لَا خلاف فِي الِاحْتِجَاج بِهِ
وَلَيْسَ بجيد فقد قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإسفرائيني إِنَّه لَا يحْتَج بِهِ
وَالصَّوَاب مَا تقدم
وَنقل القَاضِي عبد الْجَبَّار عَن الشَّافِعِي أَن الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ قَالَ رَسُول الله ص = كَذَا قبل إِلَّا إِن علم أَنه أرْسلهُ
وَكَذَا نَقله ابْن بطال فِي شرح البُخَارِيّ
وَهَذَا خلاف الْمَشْهُور من مذْهبه فقد ذكر ابْن برهَان فِي الْوَجِيز أَن مذْهبه فِي الْمَرَاسِيل أَنه لَا يجوز الِاحْتِجَاج بهَا إِلَّا مَرَاسِيل الصَّحَابَة ومراسيل سعيد وَمَا انْعَقَد الْإِجْمَاع على الْعَمَل بِهِ
وَأما مَرَاسِيل من أحضر إِلَى النَّبِي ص = غير مُمَيّز كعبيد الله بن عدي بن الْخِيَار فَلَا يُمكن أَن يُقَال إِنَّهَا مَقْبُولَة كمراسيل الصَّحَابَة لِأَن رِوَايَة الصَّحَابَة إِمَّا أَن تكون عَن النَّبِي ص = أَو عَن صَحَابِيّ وَالْكل مَقْبُول
وَاحْتِمَال كَون الصَّحَابِيّ الَّذِي أدْرك وَسمع يروي عَن التَّابِعين بعيد بِخِلَاف مَرَاسِيل هَؤُلَاءِ فَإِنَّهَا عَن التَّابِعين بِكَثْرَة فقوي احْتِمَال أَن يكون السَّاقِط غير صَحَابِيّ وَجَاء احْتِمَال كَونه غير ثِقَة