فَكَانَ حَقه أَن يبين مَا أَرَادَ بهما لِئَلَّا يذهب الذِّهْن كل مَذْهَب وَلِئَلَّا يظنّ بِهِ أَنه يقْصد بالإبهام وَالْإِيهَام وَإِن كَانَ مَا علم من حَاله يدل على أَنه بَرِيء من ذَلِك
فَإِن أَرَادَ بالأمة علماءها وَهُوَ الظَّاهِر فعلماء الْأمة فِي هَذَا الْمقَام ثَلَاثَة أَقسَام المتكلمون وَالْفُقَهَاء والمحدثون أما المتكلمون فقد عرف من حَالهم أَنهم يردون كل حَدِيث يُخَالف مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَلَو كَانَ من الْأُمُور الظنية فَإِذا لأورد عَلَيْهِم من ذَلِك حَدِيث صَحِيح عِنْد الْمُحدثين أولوه إِن وجدوا تَأْوِيله قريب المأخذ أَو ردُّوهُ مكتفين بقَوْلهمْ هَذَا من أَخْبَار الْآحَاد وَهِي لَا تفِيد غير الظَّن وَلَا يجوز الْبناء على الظَّن فِي المطالب الكلامية
فَمن ذَلِك حَدِيث تحاجب الْجنَّة وَالنَّار فَقَالَت النَّار أُوثِرت بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ وَقَالَت الْجنَّة مَا لي لَا يدخلني إِلَّا ضعفاء النَّاس وَسَقَطهمْ قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى للجنة أَنْت رَحْمَتي أرْحم بك من أَشَاء من عبَادي وَقَالَ للنار إِنَّمَا أَنْت عَذَاب أعذب بك من أَشَاء من عبَادي وَلكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا ملؤُهَا فَأَما النَّار فَلَا تمتلئ حَتَّى يضع رجله فَتَقول قطّ قطّ قطّ فهنالك تمتلئ ويزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَلَا يظلم الله عز وَجل من خلقه أحدا وَأما الْجنَّة فَإِن الله عز وَجل ينشئ لَهَا خلقا اهـ
وَهَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَيْهِ أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما مُسلم فَأخْرجهُ فِي كتاب الْجنَّة وَصفَة نعيمها وَأما البُخَارِيّ فَأخْرجهُ فِي تَفْسِير سُورَة ق بِهَذَا اللَّفْظ من طَرِيق عبد لارزاق عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute