الثَّالِث خوف ثورة الشّعب فَإِن كثيرا مِنْهُم كَانُوا يميلون إِلَى الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام والولاة أبعد النَّاس عَن إثارة الشّعب بِدُونِ عابث قوي لذَلِك وَهَذَا الْوَالِي كَانَ من عباد الْأَوْثَان وَلم يكن للْيَهُود عِنْده من حَيْثُ الدّين شَأْن وَلذَلِك كَانَ القائمون عَلَيْهِ عازمين فِي أول الْأَمر على ان يمسكوه ويقتلوه غيلَة وَأَن يكون ذَلِك فِي غير الْعِيد لِكَثْرَة اجْتِمَاع النَّاس فِيهِ فَلَمَّا جَاءَهُم يهوذا الخائن غيروا رَأْيهمْ واعتقدوا أَن الفرصة قد ساعدت وعزموا على ان يكون ذَلِك على يَد الْحَاكِم لِأَنَّهُ أقرب إِلَى السَّلامَة من الشّعب إِن ثار فَفَعَلُوا مَا فعلوا
الرَّابِع مَا ذكر عَنهُ من أَنه كتب من بعد إِلَى طيباريوس ملك الرّوم بِخَبَر الْمَسِيح وَمَا وَقع لَهُ من الْآيَات وبخبر تلاميذه وَمَا يَقع على أَيْديهم من الْعَجَائِب غير أَن كثيرا مِنْهُم توقف فِي صِحَة هَذَا الْخَبَر وَقَالَ إِنَّه كَانَ عزم على ذَلِك غير انه خشِي ان يعود عَلَيْهِ ذَلِك بِالضَّرَرِ حَيْثُ قتل الْمَسِيح بِغَيْر حق
وَقد ورد على هَذَا الْفَرِيق إِشْكَال وَهُوَ أَن يُقَال إِذا كَانَ هَذَا الْوَالِي يمِيل إِلَى إِطْلَاق الْمَسِيح والبواعث على ذَلِك كَثِيرَة فَلم لم يُطلقهُ
وَقَالَ بَعضهم فعل مَا فعل تخلصا من شغب الشّعب فَإِن الرؤساء حرضوهم على الِاجْتِمَاع عِنْد دَار الحكم وَأَن يلحوا فِي طلب إهلاكه فَكَانَ كلما قَالَ لَهُم أَي شَرّ صنع هَذَا يزدادون صياحا قائلين ليصلب فَلَمَّا رأى أَن ذَلِك لَا يُفِيد شَيْئا بل تزداد الجلبة كلما حاولهم غسل يَدَيْهِ أمامهم وَقَالَ أَنا بَرِيء من دم هَذَا