هَذَا وَلما ارتاب بعض عُلَمَائِنَا فِي أَمر يهوذا ترَاءى لَهُم أَنه هُوَ الَّذِي أَلِي عَلَيْهِ شبه الْمَسِيح فَأخذ وصلب وَلَقي جَزَاء عمله غير أَن الَّذين كَانُوا يتلقفون أَخْبَار الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام من كل فَم لما لم يقفوا لَهُ على عين وَلَا أثر ظنُّوا انه هلك أَو اهلك نَفسه فلفقوا هَذَا القَوْل بِنَاء على مَا وَقع فِي نُفُوسهم وَمثل ذَلِك لَا يُحْصى وَهَذَا القَوْل أقوى الْأَقْوَال الَّتِي قَالَهَا من ذهب إِلَى ان المصلوب كَانَ يشبه الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام بِحَيْثُ إِن من رَآهُ وَكَانَ يعرفهُ من قبل قَالَ إِنَّه هُوَ أَو كَأَنَّهُ هُوَ
على انه تقرر فِي علم الْكَلَام أَن الْحَواس قد تغلط فِي بعض الأحيان وَأَن ذَلِك لَا يرفع الاطمئنان إِلَى مَا أَدْرَكته فِي سَائِر الأحيان وَمثل ذَلِك الْعقل فَأَي مَحْذُور يحصل أَن قيل وعَلى ذَلِك إِن الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام لما أَرَادَ الْيَهُود إهلاكه لِأَنَّهُ كَانَ يَأْمُرهُم بِالْمَعْرُوفِ وينهاهم عَن الْمُنكر ويحثهم على اتِّبَاع الْحق والسلوك فِي مهج الصدْق ألْقى الله شبهه على رجل مارق مُنَافِق مُسْتَحقّ للهلاك فَأخذ وصلب وَهُوَ بذلك حري وَنَجَا من غوائلهم ذَلِك الْبر الْبري
الأولى إِمْسَاكه أَبْصَارهم حَتَّى لم يعرفوه مَعَ أَن ذَلِك الخائن جعل لمعرفته عَلامَة وَكَانَ كثير مِنْهُم يعرفهُ وَيُؤَيّد ذَلِك أَنه لما قَالَ لَهُم من تطلبون ل يَقُولُوا إننا نطلبك بل قَالُوا عِيسَى الناصري وَذَلِكَ لعدم معرفتهم لَهُ