وَصَارَ الْمُتَأَخّرُونَ يصيغون كتب الْأَحْكَام وَنَحْوهَا محذوفة الْأَسَانِيد إِحَالَة على مَا قَرَّرَهُ الْأَولونَ واتفاقا فَإِن هَؤُلَاءِ الْمُحدثين (١) يصححون السماع على عَامي لَا يعرف معنى مَا يسمع خُصُوصا إِذا عمر وَبعد عَهده بِسَمَاع مَا سمع فَإِنَّهُ قد ينسى وَلَا يعرف [أَنه](٢) قد سَمعه إِلَّا بِوُجُود اسْمه فِي الطَّبَقَة فَأَي فرق بَين السماع على مثل هَذَا وَبَين أَن يَقُول أجزت لَك أَن تروي عني الْكتاب
وَإِذ قد بَان مَا ذكرته أَن فَائِدَة الرِّوَايَة بعد تدوين السّنَن إِنَّمَا هُوَ اتِّصَال السَّنَد وسلسلة الرِّوَايَة وَذَلِكَ حَاصِل بِالْإِجَازَةِ فَوَجَبَ أَلا يكون بَين الْإِجَازَة و [بَين](٣) السماع فرق نعم لَو أتفق شيخ حاذق بِعلم الحَدِيث وفوائده كَانَت الرِّوَايَة (أ / ١٧٤) سَمَاعا أولى لما يُسْتَفَاد مِنْهُ وَقت السماع لَا لقُوَّة رِوَايَة السماع على الْإِجَازَة لِأَن تِلْكَ الْفَائِدَة تنفك عَن الرِّوَايَة بِدَلِيل مَا لَو قرئَ عَلَيْهِ الحَدِيث بحثا تفقها لَا رِوَايَة وَالله أعلم (٤) انْتهى
وَنَحْوه مَا ذهب إِلَيْهِ الإِمَام أَبُو بكر أَحْمد بن ميسر الْمَالِكِي (٥) من أَن الْإِجَازَة على وَجههَا خير وَأقوى من السماع الرَّدِيء حَكَاهُ الْوَلِيد بن بكر فِي كتاب الوجازة