للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولا تعارض بين القولين فأصل الفرض في اللغة: الحز في الشيء، ومنه كان اشتقاق الفرض للواجب؛ لأن له معالم وحدوداً، ومنه اشتقاقه للتقدير والحل كذلك وغيره من المعاني (١).

فلما كان الفرض محتملاً لهذه المعاني كان المختار منها هو ما يحدده السياق، وهو الحل والإباحة والتقدير دون الوجوب لقوله تعالى في أول الآية: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ} [الأحزاب:٣٨]، ويدل على ذلك تعدية فعل: [فرض] [باللام] الذي يفيد هذا المعنى بخلاف تعديته بحرف [على] كقوله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [الأحزاب:٥٠] (٢).

وهنا سؤال: ما سبب اختيار لفظ الفرض دون غيره؟.

والجواب: أنه في مقابل تحريم النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفسه فعل هذا الأمر، فجاء بصيغة الفرض، لأنه متضمن لحل ذلك له والأمر به. والله أعلم.

قال الراغب: ({إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [القصص:٨٥] أي: أوجب عليك العمل به، ومنه يقال لما أَلزَم الحاكمُ من النفقة: فرض، وكل موضع ورد: فَرَضَ الله عليه ففي الإيجاب الذي أدخله الله فيه، وما ورد من: فرض الله له، فهو في أن لا يحْظُرَه على نفسه نحو: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} [الأحزاب:٣٨]) (٣).

وقد جمع ابن كثير في تفسير الآية ما ذكرته آنفاً فقال: (أي: فيما أحل الله له وأمره به من تزويج زينب التي طلقها دعيه زيد بن حارثة) (٤). والله أعلم.


(١) ينظر: معجم مقاييس اللغة ٤/ ٤٨٨، ٤٨٩، الصحاح ٣/ ٩٢١.
(٢) ينظر: التحرير والتنوير ٢٢/ ٤٠.
(٣) المفردات ص ٤٢١.
(٤) تفسير ابن كثير ٦/ ٢٨١٩.

<<  <   >  >>