للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسألة الثانية: نبه ابن عقيل إلى أن المختلفين في هذه المسألة مجمعون على أن آية المائدة والجمعة السابقتين للإباحة والإطلاق. وقد حكى الإجماع ثلة من العلماء.

قال الطبري: (القول في تأويل قوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا، يعني: بذلك جل ثناؤه: وإذا حللتم فاصطادوا الصيد الذي نهيتكم أن تحلوه وأنتم حرم. يقول: فلا حرج عليكم في اصطياده، فاصطادوا إن شئتم حينئذ؛ لأن المعنى الذي من أجله كنت حرمته عليكم في حال إحرامكم قد زال. وبما قلنا في ذلك قال جميع أهل التأويل) (١).

وقال ابن العربي: (وهو محمول على الإباحة اتفاقاً) (٢).

وقال ابن عطية: (وقوله: {فَانْتَشِرُوا} [الجمعة:١٠] أجمع الناس على أن مقتضى هذا الأمر: الإباحة، وكذلك قوله تعالى: {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:١٠] أنه الإباحة في طلب المعاش، وأن ذلك مثل قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [المائدة:٢]) (٣). وقال ابن جزي: (فالأمر هنا إباحة بإجماع) (٤).

ولم أجد من خالف في أن الأمر للإباحة في هاتين الآيتين من المفسرين (٥).

والسر في مجيء الإباحة بصيغة الأمر تأكيدُها (٦) كي لا يبقى أدنى شبهة أو حرج في بقاء شيء من النهي الأول. والله أعلم.


(١) جامع البيان ٨/ ٤٢.
(٢) أحكام القرآن ٢/ ٢٠.
(٣) المحرر الوجيز ٥/ ٣٠٩.
(٤) التسهيل ١/ ٢٢٣.
(٥) ينظر: تفسير السمرقندي ١/ ٣٩٠، تفسير السمعاني ٢/ ٨، زاد المسير ٢/ ٢٧٤، التفسير الكبير ١١/ ١٠٣.
(٦) ينظر: التحرير والتنوير ٦/ ٨٥.

<<  <   >  >>