" مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟ قَالَ: اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا أَحَدٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ فِي قِصَّةِ الْكِتَابِ الَّذِي أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ: يَأْبَى اللَّهُ وَيُدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِينَ. وَسَمَّاهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ الصِّدِّيقَ، وَبُويِعَ وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى بَيْعَتِهِ، وَعَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاحَ فِيهَا فَسَمَّوْهُ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَخَاطَبُوهُ بِهَا. ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى مِثْلِ سَبِيلِ أَبِي بَكْرٍ، وَمَا وَصَفْنَا بِهِ مَعَ شِدَّتِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ وَسِيَاسَتِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِعُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ: إِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَلَّفُكُمَا وَالْإِسْلَامُ قَلِيلٌ، وَقَدْ أَغْنَى اللَّهُ عَنْكُمَا. وَذِكْرُ سِيَرِ عُمَرَ وَسِيَاسَتِهِ كُثْرٌ. ثُمَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنْ أَعْلَمِهِمْ وَأَشْجَعِهِمْ وَأَسْخَاهُمْ وَأَجْوَدِهِمْ جُودًا. وَمِنْ عِلْمِهِ أَنَّ عَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، أَشَارَا فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى أَمَةِ حَاطِبٍ، فَرَأَى عُمَرُ ذَلِكَ مَعَهُمْ. قَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، وَمَا تَقُولُ؟ قَالَ: لَا أَرَى عَلَيْهَا حَدًّا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ، وَإِنَّمَا الْحَدُّ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ. فَقَالَ عُمَرُ بَعْدَ أَنْ فَهِمَ ذَلِكَ عَنْهُ: صَدَقْتَ وَاللَّهِ، إِنَّمَا الْحَدُّ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ. وَتَزَوَّجَ ابْنَتَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ قَطُّ. ثُمَّ أَذْهَنُهُمْ ذِهْنًا، وَأَظْهَرُهُمْ عِبَادَةً، حَفِظَ الْقُرْآنَ عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ فِي قِلَّةِ مُدَّةٍ، فَكَانَ يَقُومُ بِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ. وَمِنْ سَخَائِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ إِلَى جَيْشِ الْعُسْرَةِ فَجَاءَ بِأَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ أَلْفٍ، ثُمَّ أَلْفٍ، ثُمَّ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ بِأَجْمَعِ جِهَازِهِمْ. ثُمَّ عَلِيٌّ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، مِثْلُ ذَلِكَ فِي كَمَالِهِ وَزُهْدِهِ وَعِلْمِهِ وَسَخَائِهِ. وَمِنْ زُهْدِهِ أَنَّهُ اشْتَغَلَ فِي سَنَةٍ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فَفَرَّقَهَا، وَقَمِيصُهُ كَرَابِيسُ سُنْبُلَانِيٌّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: بَلَغَتْ صَدَقَةُ مَالِي أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَمِنْ فَضَائِلِهِ الَّتِي أَبَانَهُ اللَّهُ بِهَا تَزْوِيجُهُ بِفَاطِمَةَ، وَوَلَدُهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، وَحَمْلُهُ بَابَ خَيْبَرٍ، وَقَتْلُهُ مَرْحَبًا، وَأَشْيَاءُ يَكْثُرُ ذِكْرُهَا. ثُمَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى فَضَائِلُ يَكْثُرُ ذِكْرُهَا. وَمِمَّا قَدْ يُنْسَبُ إِلَى السَّنَةِ، وَذَلِكَ عِنْدِي إِيمَانٌ، نَحْوَ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٌ، وَالشَّفَاعَةُ، وَالْحَوْضُ، وَالْمِيزَانُ، وَحُبُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْرِفَةُ فَضَائِلِهِمْ وَتَرْكُ سَبِّهِمْ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ وَوِلَايَتِهِمْ، وَالصَّلَاةُ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، وَالتَّرَحُّمُ عَلَى مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا وَالرَّجَاءُ لِلْمُذْنِبِينَ، وَتَرْكُ الْوَعِيدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute