مَذْهَبنَا مَا روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث زيد بن أَرقم: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الْعِيد ثمَّ رخص فِي الْجُمُعَة. وَإِنَّمَا خص عُثْمَان أهل العوالي بِالْإِذْنِ لبعد مَنَازِلهمْ، وَعلم أَن من قرب منزله لم يُؤثر ترك الْفَضِيلَة فِي حُضُور الْجُمُعَة.
وَأما النَّهْي عَن لُحُوم النّسك فَوق ثَلَاث فقد حمله عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام على ظَاهر لَفظه. وَكَأَنَّهُ لم يبلغهُ سَبَب النَّهْي، وَلِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن فِي ذَلِك بعد الْمَنْع. وَإِنَّمَا كَانَ سَبَب نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن قوما من الْعَرَب أَصَابَتْهُم فاقة، فَدَخَلُوا الْمَدِينَة من الْجُوع، وَأحب أَن يواسوا، وَسَيَأْتِي هَذَا فِي مُسْند عَائِشَة مشروحا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
٤١ - / ٤٢ - وَفِي الحَدِيث الرَّابِع وَالْعِشْرين: أَن عمر قبل الْحجر وَقَالَ: إِنِّي لأعْلم أَنَّك حجر مَا تَنْفَع وَلَا تضر، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول الله يقبلك مَا قبلتك وَفِي لفظ آخر: وَلَكِن رَأَيْت رَسُول الله بك حفيا.
فِي هَذَا الحَدِيث فنان من الْعلم:
أَحدهمَا: أَن عمر لما علم إلْف الْجَاهِلِيَّة للحجارة تكلم بِهَذَا كالمعتذر من مس الْحجر، وَبَين أَنه لَوْلَا الشَّرْع لم أفعل شَيْئا من جنس مَا كُنَّا فِيهِ.
وَالثَّانِي: أَن السّنَن تتبع وَإِن لم يطلع على مَعَانِيهَا، على أَنه قد علم سَبَب تَعْظِيم الْحجر، وَذَلِكَ من وَجْهَيْن منقولين فِي الحَدِيث: أَحدهمَا: أَن الله عز وَجل لما أَخذ الْمِيثَاق من ذُرِّيَّة بني آدم أودعهُ