للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَأَصْبَحت علم الله مَذْعُورَة قد اقشعر جلدي، وَوَلِهَ عَقْلِي، واقتصصت رُؤْيَايَ. فالحرمة وَالْحُرْمَة مَا بَقِي بهَا أبطحي إِلَّا قَالُوا: هَذَا شيبَة الْحَمد، وتتامت إِلَيْهِ رجالات قُرَيْش، وَهَبَطَ إِلَيْهِ من كل بطن رجل، فَمَشَوْا وَمَشوا، واستلموا ثمَّ ارْتَقَوْا أَبَا قبيس، وَطَفِقُوا جنابيه، فَمَا يبلغ سَعْيهمْ مهله حَتَّى إِذا اسْتَوَى بذورة الْجَبَل قَامَ عبد الْمطلب وَمَعَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَام قد أَيفع أَو كرب، فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَاد الْخلَّة، وَكَاشف الْكُرْبَة، أَنْت معلم غير معلم، وَمَسْئُول غير مبخل، وَهَذِه عبداؤك وإماؤك بِعَذِرَاتٍ حَرمك، يَشكونَ إِلَيْك سنيهم، أذهبت الْخُف والظلف. اللَّهُمَّ فأمطرن علينا معرقًا مريعا، فوالكعبة مَا راموا حَتَّى تَفَجَّرَتْ السَّمَاء، وَاكْتفى الْوَادي بثجيجه، فلسمعت شَيْخَانِ قُرَيْش وحلفها عبد الله بن جدعَان وَحرب بن أُميَّة وَهِشَام بن الْمُغيرَة يَقُولُونَ لعبد الْمطلب: هَنِيئًا لَك أَبَا الْبَطْحَاء، أَي عَاشَ بك أهل الْبَطْحَاء. وَفِي ذَلِك تَقول رقيقَة:

(بِشَيْبَة الْحَمد أسْقى الله بَلْدَتنَا ... لما فَقدنَا الحيا واجلوذ الْمَطَر)

(فجَاء بِالْمَاءِ جَوْنِي لَهُ سبل ... سَحا، فَعَاشَتْ بِهِ الْأَنْعَام وَالشَّجر)

(منا من الله بالميمون طَائِره ... وَخير من بشرت يَوْمًا بِهِ مُضر)

(مبارك الْأَمر يستسقى الْغَمَام بِهِ ... مَا فِي الْأَنَام لَهُ عدل وَلَا خطر)

[١٥] قَالَ مُحَمَّد بن سعد: أسلمت رقيقَة، وَأدْركت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَوله: كُنَّا إِذا احمر الْبَأْس نتقي بِهِ. أَي إِذا اشتدت الْحَرْب

<<  <  ج: ص:  >  >>