نذرت فِي الْجَاهِلِيَّة أَن أعتكف لَيْلَة - وَفِي لفظ: يَوْمًا - فِي الْمَسْجِد الْحَرَام. قَالَ: " فأوف بِنَذْرِك ".
الِاعْتِكَاف: الْإِقَامَة واللبث. وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على أَن الِاعْتِكَاف يَصح بِلَا صَوْم، وَيصِح فِي اللَّيْل وَحده، وَهَذَا قَول أَحْمد وَالشَّافِعِيّ. وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى: أَنه لَا يَصح، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة، وَمَالك.
فَإِن قَالَ قَائِل: نذر الْكَافِر مطرح، فَكيف أثبت لَهُ الرَّسُول حكما؟
فَالْجَوَاب: أَن أَصْحَابنَا اخْتلفُوا فِي هَذَا، فَمنهمْ من منع وَقَالَ: مَتى كَانَ نذر الْكَافِر على وفَاق حكم الْإِسْلَام فَهُوَ صَحِيح. وَمِنْهُم من تَأَول فَقَالَ: معنى قَوْله: فِي الْجَاهِلِيَّة، أَي وَنحن بِمَكَّة قبل فتحهَا وَأَهْلهَا جَاهِلِيَّة، فعلى هَذَا لَا يكون ناذرا فِي الْكفْر. ثمَّ إِن عندنَا وَعند الشَّافِعِي أَن يَمِين الْكَافِر صَحِيحَة، وَإِذا حنث وَجَبت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة، خلافًا لأبي حنيفَة. قَالَ الْخطابِيّ: إِذا جَازَ إِيلَاء الْكَافِر وَأخذ بِحكمِهِ فِي الْإِسْلَام جَازَت يَمِينه وظهاره.
وَقد روى هَذَا الحَدِيث ابْن عمر فَقَالَ فِيهِ: إِنِّي نذرت أَن أعتكف. قَالَ: " اذْهَبْ فاعتكف " فعلى هَذَا اللَّفْظ إِنَّمَا أمره بالاعتكاف، لَا على أَن النّذر لَازم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute