أَي يَتَّخِذهُ حجرَة يسْتَتر فِيهَا ويخلو.
ويثوبون: يرجعُونَ.
وَقَوله: " اكلفوا من الْعَمَل مَا تطيقون " اللَّام فِي قَوْله: " اكلفوا " مَفْتُوحَة، كَذَلِك قَالَ أهل اللُّغَة، وَالْمعْنَى تكلفوا فعل مَا تقوى عَلَيْهِ طاقتكم دون مَا تعجزون عَنهُ.
وَقَوله: " فَإِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا " الْملَل للشَّيْء: الاستثقال لَهُ والكراهية ونفور النَّفس عَنهُ، وَذَلِكَ لَا يجوز فِي صِفَات الله عز وَجل، لِأَنَّهُ لَو جَازَ لدخلت عَلَيْهِ الْحَوَادِث.
وَاخْتلفُوا فِي معنى الْكَلَام على أَرْبَعَة أَقْوَال:
أَحدهَا: أَن الْمَعْنى: لَا يمل أبدا، مللتم أَو لم تملوا، وَجرى هَذَا مجْرى قَوْلهم: حَتَّى يشيب الْغُرَاب، ويبيض القار، وأنشدوا:
(صليت مني هُذَيْل بخرق ... لَا يمل الشَّرّ حَتَّى يملوا)
الْمَعْنى: لَا يمل وَإِن ملوا، إِذا لَو مل عِنْد ملالهم لم يكن لَهُ عَلَيْهِم فضل.
وَالثَّانِي: لَا يمل من الثَّوَاب مَا لم تملوا من الْعَمَل، وَمعنى يمل: يتْرك، لِأَن من مل شَيْئا تَركه، حَكَاهُمَا أَبُو سُلَيْمَان.
وَالثَّالِث: أَن الْمَعْنى: لَا يقطع عَنْكُم فَضله حَتَّى تملوا سُؤَاله، فَسمى فعله مللا وَلَيْسَ بملل، وَلَكِن لتزدوج اللَّفْظَة بأختها فِي اللَّفْظ وَإِن خالفتها فِي الْمَعْنى، وَهَذَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ} [الْبَقَرَة: ١٩٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute