الْكِتَابَة عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ حِين قَالَ لَهُ: إِنِّي أسمع مِنْك أَشْيَاء، وَإِنِّي أَخَاف أَن أَنْسَاهَا، أفتأذن لي أَن أَكتبهَا؟ قَالَ:((نعم)) لِأَن عبد الله كَانَ كَاتبا قَارِئًا للكتب الْمُتَقَدّمَة. وَكَانَ غَيره من الصَّحَابَة أُمِّيين، فخشي عَلَيْهِم فِي كتابتهم الْغَلَط، وَأمن على هَذَا لمعرفته فَأذن لَهُ.
وَقَوله:((حدثوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج)) فِيهِ خَمْسَة أَقْوَال: أَحدهَا: أَنه كَانَ قد تقدم مِنْهُ مَا يشبه النَّهْي، إِذْ جَاءَ عمر بِكَلِمَات من التَّوْرَاة فَقَالَ لَهُ:((أمطها عَنْك)) فخاف أَن يتَوَهَّم النَّهْي عَن ذكرهم جملَة فَأجَاز الحَدِيث عَنْهُم. وَالثَّانِي: أَن يكون الْمَعْنى: وَلَا يضيق صدر السَّامع من عجائب مَا يسمع عَنْهُم، فقد كَانَ فيهم أَعَاجِيب.
وَالثَّالِث: أَنه لما كَانَ قَوْله: ((حدثوا)) لفظ أَمر بَين أَنه لَيْسَ على أَمر الْوُجُوب بقوله: ((وَلَا حرج)) أَي: وَلَا حرج إِن لم تحدثُوا.
وَالرَّابِع: أَنه لما كَانَت أفعالهم قد يَقع فِيهَا مَا يتحرز من ذكره الْمُؤمن أَبَاحَ التحديث بذلك، كَقَوْلِه:{فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا}[الْمَائِدَة: ٢٤]{وَاجعَل لنا إِلَهًا}[الْأَعْرَاف: ١٣٨]((مُوسَى آدر)) . وَالْخَامِس: أَن يكون أَرَادَ ببني إِسْرَائِيل أَوْلَاد يَعْقُوب وَمَا فَعَلُوهُ بِيُوسُف.
وَقَوله:((من كذب عَليّ)) قد سبق فِي مُسْند عَليّ وَغَيره.