مَال الْغَيْر بِغَيْر حق. وَالثَّانيَِة: مبارزة الْأَمر بِالْعَدْلِ بالمخالفة، وَهَذِه الْمعْصِيَة فِيهِ أدهى؛ لِأَنَّهُ لَا يكَاد يَقع الظُّلم إِلَّا للضعيف الَّذِي لَا يقدر على الِانْتِصَار إِلَّا بِاللَّه عز وَجل. وَإِنَّمَا ينشأ الظُّلم من ظلمَة الْقلب، وَلَو استنار بِنور الْهدى لنظر فِي العواقب، فَإِذا سعى المتقون بنورهم الَّذِي اكتسبوه فِي الدُّنْيَا من التَّقْوَى ظَهرت ظلمات الظَّالِم فاكتنفته.
١١٥٧ - / ١٣٨٨ - وَفِي الحَدِيث الثَّامِن وَالْأَرْبَعِينَ بعد الْمِائَة: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثا وَأمر عَلَيْهِم أُسَامَة بن زيد، فطعن النَّاس فِي إمارته. [١٥] اعْلَم أَن النّظر إِلَى صُورَة الْأَشْيَاء غلب على أَكثر النَّاس. وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتلمح الْمعَانِي، فالقوم نظرُوا إِلَى أَن أُسَامَة حدث السن، وَأَنه ابْن مولى، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ صَالحا للإمارة خُصُوصا فِي هَذِه السّريَّة الَّتِي بَعثه فِيهَا إِلَى مَوضِع مقتل أَبِيه. وَكَذَلِكَ أَمر عَمْرو بن الْعَاصِ على جَيش فيهم أَبُو بكر وَعمر لَا لفضله عَلَيْهِم، وَلكنه كَانَ أبْصر بِالْحَرْبِ. وَهَذِه السّريَّة الَّتِي أَمر فِيهَا أُسَامَة كَانَت إِلَى أهل أبنى، فَقَالَ لَهُ: " سر إِلَى مَوضِع مقتل أَبِيك فأوطهم الْخَيل، وأغر صباحا، وَحرق عَلَيْهِم " فَانْتدبَ مَعَه وُجُوه الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَفِيهِمْ أَبُو بكر وَعمر وَسعد وَسَعِيد وَأَبُو عبيد ة، فَتكلم حِينَئِذٍ أَقوام فَقَالُوا: يسْتَعْمل هَذَا الْغُلَام على الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين. فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَضبا شَدِيدا، وَكَانَ قد ابْتَدَأَ بِهِ مَرضه، فَخرج معصوب الرَّأْس، فَصَعدَ الْمِنْبَر وَقَالَ: " إِن تطعنوا فِي إمرته فقد كُنْتُم تطعنوه فِي إمرة أَبِيه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute