الْمُعَاوَضَات لَا يثبت فِيهَا خِيَار الْمجْلس. وَالرَّابِع: أَنهم حملوه على المتساومين، وسميا متبايعين لِأَن حَالهمَا يؤول إِلَى ذَلِك. وَالْخَامِس: أَنهم حملوه على حَالَة التواجب إِذا قَالَ البَائِع: بِعْت وَلم يقل المُشْتَرِي: قبلت، فالبائع مُخَيّر بَين أَن يَفِي بِمَا قَالَ أَو يرجع، وَالْمُشْتَرِي مُخَيّر بَين أَن يقبل أَو يرد. قَالُوا: وَقد حمل الْكَلَام على حَقِيقَته؛ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أثبت الْخِيَار بِسَبَب التبايع؛ والتبايع اسْم لحالة تشاغلهما بِالْبيعِ. فَأَما بعد ارتباط الْإِيجَاب بِالْقبُولِ فَلَا يسميان متبابعين، إِنَّمَا يُقَال: كَانَا متبايعين. فعلى هَذَا يكون الْمَعْنى: مَا لم يَتَفَرَّقَا بالأقوال. وَقد يَقع التَّفَرُّق بالْقَوْل، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب} [الْبَيِّنَة: ٤] . [١٥] وَالْجَوَاب: أما قَوْلهم: يرويهِ مَالك، فَجَوَابه من ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: أَنه مَتى صَحَّ الحَدِيث كَانَ حجَّة على رَاوِيه وَغَيره؛ لِأَن الْحجَّة مَا كَانَت من قبل الرَّاوِي، بل من نَقله، فَلَا يلْتَفت إِلَى خِلَافه، لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون نسي أَو تَأَول. وَقد علمنَا سَبَب مُخَالفَة مَالك للْحَدِيث؛ فَإِنَّهُ قَالَ: رَأَيْت عمل أهل الْمَدِينَة بِخِلَافِهِ، وَعِنْده أَن عمل أهل الْمَدِينَة حجَّة. وَقد أزرى عَلَيْهِ فِي هَذَا الرَّأْي ابْن أبي ذِئْب وَغَيره. وَقَالَ الشَّافِعِي: رحم الله مَالِكًا، لست أَدْرِي من اتهمَ فِي هَذَا الحَدِيث: أتهم نَفسه أَو نَافِعًا، وَأعظم أَن أَقُول: اتهمَ ابْن عمر! [١٥] وَالثَّانِي: أَن الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر من غير طَرِيق مَالك، يرويهِ البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق يحيى بن سعيد، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ كِلَاهُمَا عَن نَافِع. وَيَرْوِيه مُسلم من حَدِيث ابْن جريج
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute