للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والجمار: شحمة النّخل، وَوجه تَشْبِيه الشَّجَرَة بِالرجلِ الْمُسلم من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: من حَيْثُ الذَّات، وَالثَّانِي: من حَيْثُ الْمَعْنى، فَأَما من حَدِيث الذَّات فَمن وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنَّهَا من فضلَة تربة آدم على مَا يرْوى وَإِن كَانَ لَا يثبت. وَالثَّانِي: أَنَّهَا إِذا قطع رَأسهَا يَبِسَتْ بِخِلَاف سَائِر الشّجر؛ فَإِنَّهُ يتشعب غصونه من جوانبه، والآدمي قد يبْقى عِنْد قطع أَعْضَائِهِ وَلَا يبْقى عِنْد قطع رَأسه. وَأما من حَيْثُ الْمَعْنى فَمن أَرْبَعَة أوجه: أَحدهَا: أَنه لَيْسَ فِيهَا شَيْء إِلَّا وَينْتَفع بِهِ، كَمَا أَن الْمُؤمن كُله خير ونفع، وَهَذَا الْمَعْنى مَذْكُور فِي بَقِيَّة الحَدِيث؛ فَإِنَّهُ قَالَ: " لَهَا بركَة كبركة الْمُسلم ". وَالثَّانِي: أَنَّهَا شَدِيدَة الثُّبُوت كثبوت الْإِيمَان فِي قلب الْمُؤمن. وَالثَّالِث: أَنَّهَا عالية الْفُرُوع كعلو ارْتِفَاع عمل الْمُؤمن. وَالرَّابِع: أَنَّهَا تؤتي أكلهَا كل حِين، وَالْمُؤمن يكْتَسب الثَّوَاب فِي كل وَقت. [١٥] وَالْأكل: الثَّمَرَة. [١٥] وللمفسرين فِي المُرَاد بالحين هَاهُنَا سِتَّة أَقْوَال: أَحدهَا: أَنه ثَمَانِيَة أشهر، قَالَه عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام. وَالثَّانِي: سِتَّة أشهر، رَوَاهُ ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، وَبِه قَالَ الْحسن وعكرمه. وَالثَّالِث: بكرَة وَعَشِيَّة، رَوَاهُ أَبُو ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس. وَالرَّابِع: سنة، قَالَه مُجَاهِد وَابْن زيد. وَالْخَامِس: شَهْرَان، قَالَه سعيد بن الْمسيب. وَالسَّادِس: كل سَاعَة، قَالَه ابْن جرير. فَمن قَالَ: ثَمَانِيَة أشهر، أَشَارَ إِلَى مُدَّة حملهَا بَاطِنا وظاهراً. وَمن قَالَ: سِتَّة أشهر، فَهِيَ مُدَّة حملهَا ظَاهرا إِلَى حِين صرامها وَمن قَالَ: بكرَة وَعَشِيَّة. أَشَارَ إِلَى الاجتناء مِنْهَا حَال الْحمل. وَمن قَالَ: سنة، أَشَارَ إِلَى أَنَّهَا لَا تحمل فِي السّنة إِلَّا مرّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>