للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: ان المراد (بالمسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم) هو: مسجد قباء.

- وهذا قول: ابن عباس - وعروة بن الزبير - وسعيد بن جبير - وقتادة - والضحاك -

وعطية - وابن بريدة - وابن زيد. (١)

- ومن أدلة هذا القول:

١ - ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله جل وعلا:: {هُوَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا} [التوبة:١٠٧] قال: لما بنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجد قباء خرج رجال من الأنصار منهم بحزج جد عبد الله بن حنيف ووديعة بن خذام ومجمع بن جارية الأنصاري فبنوا مسجد النفاق فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبحزج: ويلك يا بحزج ما أردت إلى ما أرى؟ قال: يا رسول الله ما أردت إلا الحسنى وهو كاذب، فصدقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأراد أن يعذره، فأنزل الله: {هُوَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا}] التوبة:١٠٧ [الآية. (٢)

فقد دل هذا الحديث على أن قوله جل وعلا: {هُوَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا} [التوبة:١٠٧] نزلت في جماعة من المنافقين بنوا مسجداً يضارون به مسجد قباء، حيث كان المسلمون يصلون جميعاً في مسجد قباء فأرادوا ببناء مسجد الضرار أن يصلي فيه بعض المسلمين فيؤدي ذلك إلى الاختلاف وافتراق الكلمة، فنزلت هذه الآية للتحذير من كيد أولئك المنافقين، وللتأكيد على وجوب لزوم جماعة المسلمين بالصلاة في مسجد قباء (٣).

ولما كانت هذه الآية نازلة في التأكيد على مكانة مسجد قباء، وجب أن تكون الآية التي بعدها أيضاً في مسجد قباء لتثبت مناسبة ظاهرة بين الآيات.


(١) انظر: تفسير الطبري (٦/ ٤٧٤) - وتفسير الماوردي (٢/ ٤٠٢).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (ح ١٠٠٦٦ - ٦/ ١٨٧٩) - والطبري في تفسيره (ح ١٧٢٠٢ - ٦/ ٤٧١).
(٣) تفسير البغوي (٤/ ٩٣).

<<  <   >  >>