للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الآية خطاب من الله جل وعلا لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول فيه: وإن استأمنك أحد من المشركين الذين أمرت بقتالهم فأمنه، حتى يسمع القرآن منك ويتدبره حق تدبره، ويقف على حقيقة ما تدعو إليه، فإن أسلم ثبت له ما للمسلمين، وإن لم يسلم فأوصله إلى قومه وداره التي يأمن فيها منك ومن أتباعك، وبعد ذلك لك قتاله من غير غدر ولاخيانة، لأنه قد خرج من جوارك ورجع إلى مكانه وما كان عليه من إباحة دمه، فوجب قتله حيث وجد، كما قال جل وعلا: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:٥] (١)

- ففي هذه الآية: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} [التوبة:٦] دلالة على أن من قدم من دار الحرب إلى دار الإسلام من أجل التعرف على دين الإسلام أو لأداء رسالة من قومه أو لتجارة أو لطلب صلح أو مهادنة أو لحمل جزية أو نحو ذلك من الأسباب. وطلب من الإمام أو نائبه أن يعطيه الأمان، فإنه يجب تحقيق الأمان له ما دام متواجداً في دار الإسلام حتى يرجع إلى قومه ووطنه.

- وهذا قول: جمهور المفسرين. (٢)

وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠)} [التوبة:١٠]


(١) انظر: تفسير الشوكاني (٢/ ٣٥٨) - وتفسير القاسمي (٤/ ٩٠).
(٢) انظر: تفسير ابن كثير (٢/ ٣٥٠) - وأحكام القرآن للجصاص (٣/ ١٢٤).

<<  <   >  >>