الترجيح: الراجح هو قول الجمهور الدال على أن الخطاب في الآية لعامة الأمة، فتصح صلاة الخوف بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - متى أحاط الخوف بالمسلمين. لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أدى صلاة الخوف حال الخوف. وقد أمر الله جل وعلا باتباعه في كل أمر يفعله على الوجه الذي فعله، فقال جل ذكره {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[الأعراف:١٥٨] فما ثبت في حقه - صلى الله عليه وسلم - ثبت في حقنا، مالم يقم دليل على اختصاصه به دون غيره من أمته.
وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يخصى الإبل، والبقر، والغنم، والخيل. (١)
وكان عبد الله ابن عمر رضي الله عنه يقول: منها نشأت الخلق، ولا تصلح الإناث إلا بالذكور ..
قال أبو جعفر: فذهب قوم إلى هذا فقالوا: لا يحل إخصاء شيء من الفحول، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وبقول الله عز وجل:{فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}[النساء:١١٩] قالوا: وهو الإخصاء.
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: ما خيف عضاضه من البهائم، أو ما أريد شحمه منها، فلا بأس بإخصائه، وقالوا: هذا الحديث الذي احتج به علينا مخالفنا، إنما هو عن ابن عمر موقوف، وليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
(١) لم أقف عليه عند غير الإمام الطحاوي في هذا الموضع.