للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، إنما قال الله عز وجل: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:١٠١] فقد أمن الناس. فقال: إني عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته" (١).

وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا ينبغي أن يزيد على اثنتين، وإن أتم الصلاة، فإن كان قعد في اثنتين في الظهر والعصر والعشاء، قدر التشهد، فصلاته تامة، وإن كان لم يقعد فيها قدر التشهد، فصلاته باطلة.

وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به عليهم من الحديثين اللذين ذكرناهما في أول هذا الباب أن عائشة رضي الله عنها قالت: (أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها، غير المغرب، فإنها وتر النهار، وصلاة الصبح لطول قراءتها، وكان إذا سافر، عاد إلى صلاته الأولى) (٢).

فهذه عائشة رضي الله عنها تخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين، حتى قدم المدينة فصلى إلى كل صلاة مثلها وأنه كان إذا سافر، عاد إلى صلاته الأولى.

فأخبرت أنه كان يصلي في سفره كما كان يصلي قبل أن يؤمر بتمام الصلاة، وذلك ركعتان.

فذلك خلاف حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتم الصلاة في السفر، وقصر.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه - وكتاب صلاة المسافرين - باب صلاة المسافرين (حـ ١٥٧١ - ٥/ ٢٠٠)
وأبو داود في سننه - كتاب الصلاة - باب صلاة المسافر (حـ ١١٩٩ - ٢/ ٧).
(٢) أ خرجه البيهقي في سننه - كتاب الصلوات - باب عدد ركعات الصلوات الخمس (حـ ٥ - ١/ ٣٦٣). والإمام أحمد في مسنده (٦/ ٢٦٥).

<<  <   >  >>