للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما قال جل ذكره في عموم الأوامر: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦].

وكما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (١).

ولكن لا يعذر الإنسان من القيام بالواجب إلا إذا بذل جهده، وانسدت عليه أبواب الوصول إليه، كما قال جل وعلا: {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [النساء:٩٨] (٢)

وهذا النوع من (العفو) جاءت به اللغة العربية، قال ابن فارس في مادة (عفو): العين والفاء والحرف المعتل أصلان يدل أحدهما على (ترك الشيء) والآخر (على طلبه) فالأول: كعفو الله عن خلقه وذلك تركه إياهم فلا يعاقبهم فضلاً منه. وكل من استحق عقوبة فتركته فقد عفوت عنه.

والثاني: أن يعفو الإنسان عن شيء بمعنى الترك، ولا يكون ذلك عن استحقاق، كقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق" (٣) فليس العفو هنا عن استحقاق، ومعنى الحديث: تركت أن أوجب عليكم الصدقة في الخيل أهـ (٤)

وقد دل على أن هذا النوع من العفو هو المراد بالآية:

١ - أن الله جل وعلا جاء في الآية بـ (عسى) و (عسى) من الله واجب وقوعها بمقتضى كرمه وإحسانه. (٥)


(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (حـ ٦٨٥٨ - ٦/ ٢٦٥٨)
والدار قطني في سننه - كتاب الحج - باب المواقيت (حـ ٢٠٤ - ٢/ ٢٨١).
(٢) تفسير السعدي (٢/ ١٣٩)
(٣) تقدم تخرجه (٣٦٩)
(٤) معجم مقاييس اللغة (٤/ ٥٦)
(٥) تفسير السمرقندي (١/ ٣٨١).

<<  <   >  >>