للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الشواهد الشعرية تدل على جواز عطف الظاهر على المضمر المجرور بدون إعادة الجار في السعة لا في الضرورة، وإن كان الأكثر أن يعاد الجار كما في قوله تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون:٢٢]

ومثال ما جاء بدون إعادة الجار، قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} [الحجر:٢٠] والتقدير: (ولمن لستم له برازقين). وكقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} النساء:١٢٧] والتقدير: (وفيما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء). فكذلك قوله تعالى: {واتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} يكون التقدير: (واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحامِ). (١)

الترجيح: كل قراءة من القراءة المتقدمة قراءة متواترة قرأ بها سلف الأمة واتصلت بأكابر الصحابة الذين تلقوا القرآن بمغير واسطة من رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -. فلا ينبغي رد شيء منها من أجل أنها غير مقبولة عند أحد أئمة اللغة، وإنما يجب الأخذ بهن جميعاً وتلقيهن بالقبول.

ولعل من رد قراءة الجر أراد برده، أنها وإن كانت صحيحة فصيحة، فإن غيرها أفصح منها، إذ القراءات ليست على درجة واحدة من الفصاحة. (٢)

وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو خلاف القول الأولى في مثل هذه القراءات المتواترة. والله تعالى أعلم.


(١) تفسير أبي حيان (٢/ ٣٨٧) - وانظر: الحجة في القراءات لأبي زرعة (١٨٨). وشرح ابن عقيل (٢/ ٢١٩).
(٢) انظر: تفسير الرازي (٩/ ١٦٣) - وتفسير أبي حيان (٣/ ٥٠٠).

<<  <   >  >>