للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - متشابه يمكن وصول الخلق إلى معرفته، ومثال ذلك قوله جل وعلا في عيسى عليه السلام: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [النساء:١٧١].

ولا يسمى أحد راسخاً في العلم إلا بأن يعلم من هذا النوع أكثره بحسب قدرته.

فمن قال إن الراسخين في العلم لا يعلمون المراد بالآيات المتشابهات: فإنما أراد النوع الأول من المتشابه الذي تفرد الله بعلمه. والذي فيه علم للمتشابه على الكمال. (١) ٥)

وبناء على ما تقدم فإنه يجوز الوقف على لفظ الجلالة: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران:٧] ويجوز وصله بقوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران:٧].

- ومما يدل على صحة التقسيم المتقدم:

١ - أن الله جل وعلا قال: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران:٧] فنفى إحاطة علمنا بجميع معاني المتشابه، ولم ينف بذلك أن يعلم الراسخون في العلم بعضها بإقامتهم الأدلة الدالة على المراد بها. كما قال جل ذكره: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة:٢٥٥]

٢ - أن الله جل وعلا قال: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران:٧] والأم: هي التي منها ابتداؤه وإليها مرجعه، فسمى المحكم أماً، فاقتضى ذلك بناء المتشابه عليه ورده إليه.


(١) انظر: تفسير ابن عطية (٣/ ٢٢). والبرهان في علوم القرآن (٢/ ٨٥).

<<  <   >  >>