للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن سؤال إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان عن الكيفية لا عن الإمكانية.

ولذلك ورد السؤال بصيغة (كيف) فقال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة:٢٦٠] ولم يقل (أيمكنك إحياء الموتى).

ونظير هذا قول القائل: (كيف يحكم عمر في الناس) فهو لا يشك في أن عمر يحكم في الناس، ولكنه يسأل عن كيفية حكمه لا عن ثبوته.

فالخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام سأل عن الكيفية مع يقينه الجازم بالقدرة الربانية، ليرى بالعيان ما قد ثبت بالوجدان. (١)

٣ - أن الألف: في قوله تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} [البقرة:٢٦٠] ليست (ألف) استفهام، وإنما هي (ألف) إيجاب، فكأنه قال: (قد آمنت فلم تسأل). ومثل هذا، قول الشاعر جرير:

ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح. (٢)

بمعنى: (أنتم خير من ركب المطايا).


(١) تفسير أبي حيان (٢/ ٦٤٢).
(٢) البيت لجرير بن عطية الكلبي - في ديوانه (٨٥،٨٩) وفي رصف المباني (٤٦)
اللغة: (المطايا): جمع مطية وهي كل دابة تستخدم للركوب. (أندى): أكثر ندى وجوداً وأكرم عطاء، (راح): الراح جمع راحة وهي باطن
الكف. والمعنى: يتساءل الشاعر مقرراً أنهم أفضل شجاعة وكرماً، ألستم أفضل الفرسان الذين يمتطون صهوات دوابهم للحرب والطعان؟
وكذلك ألستم أكثر الناس جوداً وكرماً تمنحون الناس من باطن راحاتكم خيراً وسخاء،؟ (انظر: شرح شواهد المغني للسيوطي (٤٦) وشرح
المفصل لابن يعيش (٨/ ١٢٣).

<<  <   >  >>