فوجدنا إبراهيم عليه السلام قد رأى من آيات الله في نفسه الآية التي لم ير مثلها، وهو إلقاء أعدائه إياه في النار، فلم تعمل فيه شيئاً لوحي الله إليها:{يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء:٦٩]. فكانت آية معجزة لم يُرَ مثلها قبلها ولا بعدها، فقال النبي عليه السلام لينفي الشك عن إبراهيم عند قول:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}[البقرة:٢٦٠] أي: إنا ولم نر من آيات الله الآية التي أُريها إبراهيم في نفسه لا نشك، فإبراهيم مع رؤيته إياها في نفسه أحرى أن لا يشك، وأما قوله تعالى:{أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى}[البقرة:٢٦٠]. وقد حقق ذلك أن قوله كان:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}[البقرة:٢٦٠] لم يكن على الشك منه، ولكن لما سوى ذلك من طلبه إجابة الله تعالى في مسألته إياه ذلك ليطمئن به قلبه، ويعلم بذلك علو منزلته عنده.