للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما تخصيصه - صلى الله عليه وسلم - هذه المساجد الثلاثة بالذكر، فهو دليل على تفضيلها على سائر المساجد، وليس فيه دلالة على نفي الاعتكاف في غيرها، كما لا دلالة فيه على نفي جواز الجمعات والجماعات في غيرها، فغير جائز لنا تخصيص عموم الآية بما لا دلالة فيه على التخصيص. (١)

وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الصواب في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٨٧)} [البقرة: ١٨٧].

قال أبو جعفر الطحاوي: عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، قال جلست مع أبي هريرة، فسأله رجل عن الصائم إذا أصبح وهو جنب، فقال له أبو هريرة: فلا صيام له، فقال أبو بكر قد ذكرت ذلك لأبي عبد الرحمن بن الحارث، فذكر ذلك أبي لمروان بن الحكم (٢)


(١) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٢٤٣).
(٢) مروان هو: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي، ويكنى أبا القاسم، وأبا الحكم، من كبار التابعين، وكانت وفاته سنة

(٦٥ هـ) (سير أعلام النبلاء - ٣/ ٤٧٦).

<<  <   >  >>