للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- قراءة: (أن لا يطوف بهما): وهذا وإن لم يكن قرآناً فلا ينحط عن رتبة الخبر فيكون تفسيراً للآية، دالاً على إباحة الطواف بين الصفا والمروة. (١)

- الرد على هذا الاستدلال من وجوه:

١ - أن هذه قراءة شاذة، ولا حجة في الشواذ إذا خالفت المشهور. (٢)

٢ - وعلى أنها حجة، فلا حجة فيها على إباحة السعي بين الصفا والمروة. لأن (لا) التي مع (أن) صلة في الكلام، إذا تقدمها جحد في الكلام.

وقد تقدمها جحد في الآية وهو قوله تعالى: {جُنَاحَ عَلَيْهِ} [البقرة:١٥٨]. فيكون التقدير: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.

مثال ذلك: قوله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:١٢].

بمعنى: ما منعك أن تسجد إذا أمرتك. (٣)

جـ- قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} {البقرة:١٥٨]

فبين جلّ وعلا أن السعي تطوع وليس بواجب، فمن تركه فلا شيء عليه، عملاً بظاهر الآية.

- الرد على هذا الاستدلال من وجوه:

١ - لا حجة لمن قال إن السعي مستحب لقوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:١٥٨].

ولإجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع. (٤)

٢ - أن قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البقرة:١٥٨] لا يقتضي أن يكون المراد منه: التطوع بالسعي دون غيره، بل يجوز أن يكون المراد منه غير ذلك.

وعليه فإن المراد بـ (خيراً) في الآية أحد الأمور التالية:-

أ- أن يتطوع بجميع أنواع الطاعات.

ب- أن يتطوع بعد الحج والعمرة الفرض مرة أخرى، فيكون طوافه تطوعاً.

ج- أن يزيد في الطواف، فيطوف أكثر من الطواف الواجب، كأن يطوف ثمانية أو أكثر (٥)،


(١) المغنى لابن قدامة (٥/ ٢٣٩).
(٢) فتح الباري (٣/ ٥٨٣).
(٣) تفسير الطبري (٢/ ٥٥).
(٤) فتح الباري (٣/ ٥٨٣).
(٥) تفسير الرازي (٤/ ١٦٠).

<<  <   >  >>