للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ما في حديث أنس من ذكر الطواف بينهما أنه تطوع مما لم يذكره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد يجوز أن يكون ذلك رأياً رآه، وقد خالفته عائشة في ذلك، فروت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سن الطواف بهما في الحج والعمرة جميعاً، وقالت هي: ما تمت حجة أحد ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة، فكان ذلك عندنا أولى من قول أنس لا سيما وفقهاء الأمصار عليه لا يختلفون فيه، ولم يقولوا ذلك كابراً عن كابر إلا بما وجب أن يقولوه به، وكان ما خالف ما هم عليه من ذلك مما لا معنى له، ولا يصلح القول به، والله عزّ وجلّ نسأله التوفيق.

(شرح مشكل الآثار - ١٠/ ٨٤ - ٩٣)

قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)} [البقرة:١٥٨].

قال أبو جعفر الطحاوي: قال أصحابنا: من ترك السعي في الحج والعمرة حتى رجع، فعليه دم، وهو قول الثوري (١)، والأوزاعي. (٢)

قال مالك (٣): إذا ترك السعي حتى رجع، فإنه يرجع فيسعى. فإن كان قد أصاب، فعليه العمرة والهدي، وإن لم يترك إلا شوطاً واحداً، عاد وسعى.


(١) الثوري هو: أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، وهو أحد الأئمة المجتهدين، وكانت وفاته بالبصرة سنة (١٦١ هـ).
(وفيات الأعيان - ٢/ ٣٨٦).
(٢) الأوزاعي هو: أبو عمروعبد الرحمن بن عمرو بن يُحمد الأوزاعي، عالم أهل الشام، كان يسكن دمشق ثم تحول إلى بيروت مرابطاً بها إلى
أن مات سنة (١٥٧ هـ) (سير أعلام النبلاء - ٧/ ١٠٧).
(٣) مالك هو: أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأعلام، وكانت وفاته بالمدينة
سنة (١٧٩ هـ) (وفيات الأعيان - ٤/ ١٣٥).

<<  <   >  >>