للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار أن السبب الذي فيه نزلت هذه الآية: هو لتحرج الأنصار من الطواف بين الصفا والمروة للسبب المذكور في هذا الحديث، وأن الله عز وجل أنزل هذه الآية، فأعلمهم بها أن لا جناح عليهم في الطواف بينهما، فأعلمهم فيها أنهما من شعائر الله عز وجل، وقد ذكر شعائره في غيرها، قوله عز وجل: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:٣٢]، وقد كان في حديث هشام، عن عروة، عن عائشة من قولها: ولعمري ما تمت حجة أحد ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة. ومثل هذا لا يقال بالرأي، فعلقنا بذلك أنها لم تقله إلا توقيفاً، والتوقيف لا يكون إلا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فقال قائل: أما ما حكيتموه عن عائشة من قولها لعروة: لو كانت كما تقول، لكانت: (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما)، وقد كان عبد الله بن عباس يقرؤها كذلك. وذكر عن عطاء (١) عن ابن عباس أنه كان يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة:١٥٨] (٢)


(١) عطاء هو: أبو محمد عطاء بن أبي رباح أسلم القرشي، نشأ بمكة، وولد في أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه، وكانت وفاته سنة (١١٤ هـ).
(سير أعلام النبلاء - ٥/ ٧٨).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره - تفسير سورة البقرة - (حـ ٢٣٦٤ - ٢/ ٥٣) وابن أبي داود في المصاحف (٨٣).

<<  <   >  >>