للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال هَمَّام: فأخبرني بسْطَامُ بنُ مسلم: أنَّ معاويةَ بن قُرَّة قال: تذاكَرْنَا الكتاب إلى ما صار، فمرَّ علينا شَهْرُ بن حَوْشَب فدعوناه، فقال: على الخبير سقطتم: إن الكتاب كان عند كعب فلما احْتُضِرَ قال: ألا رَجُلٌ ائتمنه على أمانةٍ يؤدِّيها؟ قال شهر: فقال ابنُ عمٍّ لي يكنى أبا لبيد: أنا، فدفع إليه الكتاب، فقال: إذا بلغْتَ موضع كذا فاركب قُرْقُورًا ثم اقذف به في البحر، ففعل، فانفرج الماء فقذفه فيه ورجع إلى كعبٍ فأخبره، فقال: صدقتَ، إنَّه من التوراة التي أنزلها الله ﷿ (١).

ومن ذلك أخبار أُميَّةَ بن أبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ، ونحن نذكر بعضها.

قال الزُّبير بن بَكَّار: حدثني عمي مُصْعَبٌ، عن مصعب بن عثمان، قال: كان أُمية قد نظر في الكتب وقرأها ولبس المُسُوحَ تعبُّدًا، وكان ممن ذكر إبراهيمَ وإسماعيلَ والحنيفيَّةَ، وحرَّم الخمر والأوثان، والتَمَسَ الدِّين، وطمع في النبوة؛ لأنه قرأ في الكتب أنَّ نبيًّا يُبْعَث مِنَ العرب فكان يرجو أن يكون هو، فلما بعث الله محمدًا قيل له: هذا الذي كنت تبشِّر به وتقول فيه، فحسده عدوُّ الله وقال: أنا كنت أرجو أنْ أكونَ هو. فأنزل الله ﷿ فيه (٢): ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥)[الأعراف: ١٧٥].

وهو الذي يقول:

كل دِيْنٍ يومَ القيامةِ عِنْدَ اللهِ … -إلَّا دِيْنَ الحَنيفة- زُوْرُ


(١) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة": (١/ ٣٩٠ - ٣٩١).
(٢) وانظر: "تفسير البغوي": (٢/ ١٧١ - ١٧٢). وفي نزول الآية الكريمة أقوال أخرى. انظر: "تفسير الطبري": (١٣/ ٢٦٤ - ٢٦٧)، "تفسير ابن كثير": (٢/ ٢٦٧ - ٢٦٨)، "البحر المحيط" لأبي حيان: (٤/ ٤٢٣)، "أسباب النزول" للواحدي: ص (٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>