قلت: فأنَّى أهلككم إنْ كنتم تعلمون أنه رسول الله لِمَ لَمْ تَتَّبِعُوه؟!
قالوا: إنَّ لنا عدوًّا من الملائكة، وسِلْمًا من الملائكة؛ عدوُّنا جبريل وهو مَلَكُ الفَظَاظَة والغِلْظَة، وسِلْمُنا ميكائيل وهو ملك الرأفة واللِّين.
قلت: فإني أشهد ما يحل لجبريل أن يعاديَ سِلْم ميكائيل، ولا لميكائيل أن يعاديَ سِلْمَ جبريل، ولا أن يسلم عدوه، ثم قمت فاستقبلني رسولُ الله ﷺ فقال: "ألا أقرئك آيات نزلت عليَّ قَبْلُ، فتلا: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ الآية [البقرة: ٩٧]. فقلت: والذي بعثك بالحقِّ ما جئتُ إلا لأخبرك يقول اليهود. قال عمر: فلقد رأيتُنِي أشدَّ في دين الله من حَجَر (١).
وذكر أبو نعيم من حديث عَمْرو بن عَبَسَةَ قال: رغبتُ عن آلهة قومي في الجاهلية، وعرفت أنها على الباطل، يعبدون الحجارة وهي لا تضرُّ ولا تنفع، فلقيت رجلًا من أهل الكتاب فسألته عن أفضل الدِّين؟ فقال: يخرج رجل من مكةَ ويرغب عن آلهة قومه، يأتي بأفضل الدين، فإذا
(١) أخرجه أيضًا الطبري: (٢/ ٣٨٤ - ٣٨٥)، والواحدي في "أسباب النزول" ص (٢٧ - ٢٨)، والبغوي في "التفسير": (١/ ٨٠)، وابن أبي شيبة: (١٤/ ٢٨٥). وانظر: "العجاب في بيان الأسباب" لابن حجر: (١/ ٢٩٣). وقال السيوطي في "الدر المنثور": (١/ ٤٧٧) (تحقيق د. التركي): "مرسل صحيح الإسناد".