فقوله (أن نساء المؤمنين ليس لزوم الحجاب لهم فرضًا في كل حال) يؤيد ماذكرنا من أن النساء لم يفرض عليهن الاحتجاب من الرقيق والتابعين غير أولي الإربة والذين لم يبلغو الحلم من الأحرار، وقوله (كلزومه لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -) فإن هناك فريق من أهل العلم ومنهم ابن بطال؛ يرى أن الحجاب مفروض على زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى عن الرقيق والأتباع فلا يحل لهم الدخول عليهن ولا إظهار شخوصهن إلا لما ملكت أيمانهن كما قال أبو جعفر النحاس (ت ٣٣٨ هـ) في معاني القرآن (٥/ ٣٧٢): "فكان لا يحل لأحد أن يسألهن طعاما ولا غيره ولا ينظر إليهن متنقبات ولا غير متنقبات إلا من وراء حجاب وكانت عائشة إذا طافت بالبيت سترت، قال أنس كنت أدخل على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما نزلت هذه الآية جئت لأدخل فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءك يا بني".اهـ
أما قوله (ولو لزم جميع النساء فرضًا لأمر النبي الخثعمية بالاستتار) فهذا كما ذكرنا أيضا؛ فإن الحجاب لم يفرض إلا على الحرائر من النساء، أما الإماء المملوكات فلم يفرض عليهن الحجاب، ولذلك لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الخثعمية بالاستتار لأنها كانت أمة مملوكة.
ومما يؤكد أن ابن بطال لا يعني عدم وجوب الحجاب مطلقا؛ قوله في شرح صحيح البخارى (٢/ ٢٢٢): وذلك أن تلفعهن وتسترهن بمروطهن مانع من معرفتهن، وكان الرجال يصلون ووجوههم بادية بخلاف زى النساء وهيئاتهن.