للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الجَنّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، إنْ شِئْتُمْ دَلَلْتكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِنْ فَعَلْتُمْ تَحَابَبْتُمْ؟ " قَالُوا: أَجَلْ. قَالَ: "أَفْشُوا السَّلَامَ بيْنكُمْ" (١).

وهَذَا - لا شَك - دَليل على فضله، فيدُلّ على أنَّه أفضل من قَوْل الْإِنْسَان: (أهلًا وسهلًا) وشبهه، وعلى أن الْإِنْسَان لو أجاب السَّلام بـ (أهلًا وسهلًا) لم يُجزِه؛ لأَن (أهلًا وسهلًا) لا توصف بأنَّها تحية من عند الله مباركة طيبة، أما (السَّلام عليكم) أو (وعليكم السَّلام) فإنَّه يوصف بأنه تحية من عند الله مباركة طيبة، ولِهَذَا تجدون هَذَا هدي الأنبياء في حديث المعراج؛ فإن الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا سلّم على النَّبِيّ الَّذِي يواجهه في السَّماء رد علَيْه السَّلام وقال: مرحبًا بالابن الصَّالح؛ في آدم وإبراهيم، وبالأخ الصَّالح؛ فيمن عداهما: مرحبًا بالأخ الصَّالح والنَّبي الصَّالح (٢)؛ فيرحبون بعد أن يردوا السَّلام، وكونه يَقُول في الحَديث: "فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ، ... " دَليل على أن هَذَا لَيْسَ من رد السَّلام، وهَذَا أمر معْلُوم، ولكن مع الأسف أن النَّاس الآن هجروا هَذَا، وصَارَ غالب النَّاس إِذَا سلمت عليهم قالوا لك: أهلًا ومرحبًا أو هلا أو مرحبًا، وهَذَا لا يُجزئ ولا يجوز الاقتصار عليه.

لو قَالَ قَائِلٌ: هل فضيلة السَّلام تطبق على المحادثة التليفونية؟

الجواب: كلما حادثت أحدًا تسلم عليه؛ فالتليفون حَقِيقَة مواجهة، لكنها مواجهة غيبية، فتقول: السَّلام عليكم، ولكن أيضًا مما يؤسف له أن النَّاس الآن


(١) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بَيان أنَّه لا يدخل الجنَّةَ إلَّا المؤمنون، حديث رقم (٥٤)؛ عنه أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب المعراج، حديث رقم (٣٨٨٧)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (١٦٤)؛ عن مالك بن صعصعة.

<<  <   >  >>