للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفَائِدة الثَّالِثَة: هل يُستَفاد من الآية جَواز لعن القاذِف للمحصنة الغافلة المُؤْمِنة؛ لقَوْلهُ: {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا} أو أن هَذَا بَيان لواقع الْأَمْر أن النَّاس يَلْعَنونهم ويكرهونهم ويبعدونهم عن مجالسهم وعن مخالطتهم؟

الحقيقَة أن الآية محتملة، ومثله قَوْلهُ - صلى الله عليه وسلم -: "اتَّقُوا المَلاعِنَ الثّلَاثة: البُرَاز فِي المَوَارِدَ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ" (١)، ورواية مسلم "اتَّقُوا اللِّعَانَيْنِ"، قَالُوا: وَمَا اللِّعَانان؟ قَالَ: "الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ" (٢)، فسمى ذَلِك لعنًا.

فهل المَعْنى أن هَؤُلَاءِ النَّاس الَّذينَ يفعلون هَذَا الفِعْل ينفر النَّاس منهم ويبعدونهم ويتخلون عن أخلاقهم أو يجوز أن نلعنهم ونقول: اللهم الْعَنْ من تخلى في طريق النَّاس أو ظلهم، وهنا نقول: اللهم العن من قَذف محُصنة غافلة مؤمنة؟

الظَّاهِر أن الْأَمْر يتناول هَذَا وهَذَا، يتناول الْأَمْر الواقِع أن النَّاس يَلْعَنونهم بالفِعْل ويبعدون عنهم ويبعدونهم من مجالسهم وأنه يجوز لِلإنْسان أن يَلْعَن من قذف محصنة غافلة مؤمِنة لأَن الله لعنه، فالدُّعاء علَيْه بِاللَّعْنِ من باب تحقيق ما أخبر الله به.

* * *


(١) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب المواضع الَّتِي نهى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن البول فيها، حديث رقم (٢٦)؛ وابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب النهي عن الخلاء على قارعة الطريق، حديث رقم (٣٢٨)؛ وأحمد (١/ ٢٩٩) (٢٧١٥)، عن معاذ بن جبل.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب النهي عن التخلي في الطرق والظلال، حديث رقم (٢٦٩)، عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>