قَتْلٌ، وَقَطِيعَةُ رَحِمٍ، فَصَرْفُ الْعِنَايَةِ إِلَيْهِ أَكْثَرُ.
(وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ) ، أَيْ: بِكَذِبٍ يُبْهِتُ سَامِعَهُ، أَيْ: يُدْهِشَهُ لَفْظًا عَنْهُ كَالرَّمْيِ بِالزِّنَى وَالْفَضِيحَةِ وَالْعَارِ، (نَفْتَرِيهِ) نَخْتَلِقُهُ (بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا) ، أَيْ: مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِنَا، فَكَنَّى بِالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ عَنِ الذَّاتِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْأَفْعَالِ بِهِمَا، أَوْ أَنَّ الْبُهْتَانَ نَاشِئٌ عَمَّا يَخْتَلِقُهُ الْقَلْبُ الَّذِي هُوَ بَيْنَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ، ثُمَّ يُبْرِزُهُ بِلِسَانِهِ، أَوِ الْمَعْنَى: لَا نُبْهِتُ النَّاسَ بِالْمَعَايِبِ كِفَاحًا مُوَاجَهَةً، (وَلَا نَعْصِيكَ فِي مَعْرُوفٍ) ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِهِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ؛ إِذْ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِهِ، أَوْ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ طَاعَةُ مَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، وَقِيلَ: الْمَعْرُوفُ هُنَا أَنْ لَا يَنُحْنَ عَلَى مَوْتَاهُنَّ، وَلَا يَخْلُونَ بِالرِّجَالِ فِي الْبُيُوتِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمَا، أَسْنَدَهُ أَبُو عُمَرَ.
(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ) ، لَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَمِّلْ هَذِهِ الْأُمَّةَ مَا لَا طَاقَةَ لَهَا بِهِ، (قَالَتْ) أُمَيْمَةُ: (فَقُلْنَ) ، أَيِ: النِّسْوَةُ ( «اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا هَلُمَّ نُبَايِعْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» ) ، مُصَافَحَةً بِالْيَدِ كَمَا يُصَافِحُ الرِّجَالُ عِنْدَ الْبَيْعَةِ، وَفِي النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمَيْمَةَ فَقُلْنَ: ابْسُطْ يَدَكَ نُصَافِحْكَ، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -: «إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ» ) ، لَا أَضَعُ يَدَيَّ فِي أَيْدِيهِنَّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ أُخْرَى أَنَّهُنَّ كُنَّ يَأْخُذْنَ بِيَدِهِ عِنْدَ الْمُبَايَعَةِ مِنْ فَوْقِ ثَوْبِهِ، أَخْرَجَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عَطَاءٍ، وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - إِذَا بَايَعَ لَمْ يُصَافِحِ النِّسَاءَ، إِلَّا وَعَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ» "، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ لَا يُشْرِكْنَ، وَمَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ إِلَّا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا» "، « (إِنَّمَا قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ) قَالَ (مِثْلِ قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ) » ، شَكُّ الرَّاوِيِّ، وَهَذَا غَايَةٌ فِي التَّحَرِّي لِلْمَسْمُوعِ، إِذِ الْمَعْنَى وَاحِدٌ فَلَمَّا شَكَّ لَمْ يَقْنَعْ بِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ، وَالْحَدِيثُ فِي التِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ بَيْعَةِ النِّسَاءِ، قَالَتْ: " «مَا مَسَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ امْرَأَةً قَطُّ، إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا، فَإِذَا أَخَذَ عَلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ قَالَ: اذْهَبِي فَقَدْ بَايَعْتُكِ» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute