عَبَّرَ عَنْهُ بِمَا هُوَ مُسَبَّبٌ عَنْهُ، فَإِنَّهُمْ بِمَا اخْتَرَعُوا مِنَ الْحِيلَةِ انْتَصَبُوا لِمُحَارَبَةِ اللَّهِ وَمُقَاتَلَتِهِ، وَمَنْ حَارَبَهُ حُرِبَ وَمَنْ قَاتَلَهُ قُتِلَ.
( «نُهُوا عَنْ أَكْلِ الشَّحْمِ» ) كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: ١٤٦] (سورة الْأَنْعَامِ: الْآيَةُ ١٤٦) ، (فَبَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ) ، وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ: " جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ " - بِالْجِيمِ - أَيْ أَذَابُوهُ قَائِلِينَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الشَّحْمَ، وَهَذَا وَدَكٌ.
زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: " «وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ» "، قَالَ عِيَاضٌ: كَثُرَ اعْتِرَاضُ مَلَاعِينِ الْيَهُودِ وَالزَّنَادِقَةِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ مَوْطُوءَةَ الْأَبِ بِالْمِلْكِ لِوَلَدِهِ بَيْعُهَا دُونَ وَطْئِهَا، وَهُوَ سَاقِطٌ لِأَنَّ مَوْطُوءَةَ الْأَبِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الِابْنِ مِنْهَا إِلَّا وَطْؤُهَا، فَجَمِيعُ مَنَافِعِهَا غَيْرُهُ حَلَالٌ لَهُ، وَشَحْمُ الْمَيْتَةِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْأَكْلُ وَهُوَ حَرَامٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَحُرْمَتُهُ عَامَّةٌ عَلَى كُلِّ الْيَهُودِ فَافْتَرَقَا.
وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ: الْمُتَبَادَرُ إِلَى الْأَفْهَامِ مِنْ تَحْرِيمِ الشُّحُومِ، إِنَّمَا هُوَ تَحْرِيمُ أَكْلِهَا، لِأَنَّهَا مِنَ الْمَطْعُومَاتِ فَيَحْرُمُ بَيْعُهَا، مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقِ التَّحْرِيمِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا لَعَنَ الْيَهُودَ لِكَوْنِهِمْ فَعَلُوا غَيْرَ الْأَكْلِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ عُمُومُ مَنَافِعِهَا لَا خُصُوصُ أَكْلِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute