أَحدهَا أَن قَول الْخَلِيل {هَذَا رَبِّي} سَوَاء قَالَه على سَبِيل التَّقْدِير لتقريع قومه أَو على سَبِيل الِاسْتِدْلَال والترقي أَو غير ذَلِك لَيْسَ المُرَاد بِهِ هَذَا رب الْعَالمين الْقَدِيم الأزلي الْوَاجِب الْوُجُود بِنَفسِهِ وَلَا كَانَ قومه يَقُولُونَ إِن الْكَوَاكِب أَو الْقَمَر أَو الشَّمْس رب الْعَالمين الأزلي الْوَاجِب الْوُجُود بِنَفسِهِ وَلَا قَالَ هَذَا أحد من أهل المقالات الْمَعْرُوفَة الَّتِي ذكرهَا النَّاس لَا من مقالات أهل التعطيل والشرك الَّذين يعْبدُونَ الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب وَلَا من مقالات غَيرهم بل قوم إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يتخذونها أَرْبَابًا يدعونها ويتقربون إِلَيْهَا بِالْبِنَاءِ عَلَيْهَا والدعوة لَهَا وَالسُّجُود والقرابين وَغير ذَلِك وَهُوَ دين الْمُشْركين الَّذين صنف الرَّازِيّ كِتَابه على طريقتهم وَسَماهُ السِّرّ المكتوم فِي دَعْوَة الْكَوَاكِب والنجوم وَالسحر والطلاسم والعزائم
وَهَذَا دين الْمُشْركين من الصابئين كالكشدانيين والكنعانيين واليونانيين وأرسطو وَأَمْثَاله من أهل هَذَا الدّين وَكَلَامه مَعْرُوف فِي السحر الطبيعي الروحاني والكتب الْمَعْرُوفَة بذخيرة الْإِسْكَنْدَر بن فيلبس الَّذِي يؤرخون بِهِ وَكَانَ قبل الْمَسِيح بِنَحْوِ ثَلَاثمِائَة سنة